أي أقلع عنه وامتنع والمراد انتهى ميله ، والتعرية الإزالة يريد أنه ترك ما كان يرتكبه زمن الحب من الجهل والغي وأعرض عن معاودة ما كان منصرف اليه من اللهو فبطلت الآلات التي كان يستعملها.
فقد شبه الصبا بجهة من جهات المسير كالحج والتجارة ، قضى منها حاجاته ، فبطلت آلاته تشبيها مضمرا في النفس واستعار الجهة للصبا وحذفها ورمز اليها بشيء من لوازمها وهي الأفراس والرواحل ، فالجهة هي المكنية عند الجمهور ، وإثبات الأفراس والرواحل لها تخييلية ، والأفراس والرواحل مستعملان في حقيقتهما عندهم أيضا ، أما عند السكاكي فيجوز أن تكون الأفراس والرواحل استعارة تحقيقية إن أراد بها دواعي النفس وشهواتها والقوى الحاصلة لها في استيفاء اللذات ، أو أريد بها أسباب اتباع الغي من المال والأعوان لتحقق معناها عقلا إن أريد منها الدواعي ، أو حسا إن أريد منها الأسباب ، وعلى هذا فالمراد بالصبا زمان الشباب ، ويجوز أن تكون تخييلية إن جعلت الأفراس والرواحل مستعارة لأمر وهمي تخيل للصبا من الصبوة وهو الميل الى الجهل والفتوة.
المبحث الخامس عشر في انقسامها الى أصلية وتبعية
تنقسم الاستعارة باعتبار اللفظ المستعار قسمين :
١ ـ أصلية ، وهي ما يكون اللفظ المستعار فيها اسم جنس ، وهو الذات الصالحة لأن تصدق على كثيرين ولو تأويلا نحو أسد ، وقتل اذا استعير للشجاع والضرب الشديد ، ونحو : حاتم وقس من قولك : رأيت اليوم حاتما ، وسمعت اليوم قسا يخطب ، ومثلهما كل ما شاكلهما من الأعلام التي اشتهرت مسمياتها بوصفية.
وإجراء الاستعارة في مثل هذا أن يقال شبه الرجل الشجاع بالأسد بجامع الشجاعة في كل ، واستعير لفظ الأسد الشجاع على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية ، وشبه الرجل الكريم بحاتم بجامع الكرم في كل ، واستعير لفظ حاتم للكريم استعارة تصريحية أصلية.
٢ ـ تبعية ، وهي ما يكون المستعار فيها :
(١) فعلا. (٢) اسما مشتقا. (٣) حرفا.
فالأول ، نحو : عضنا الدهر بنابه ، فقد وقع المصائب بالعض بجامع الايلام