قرينة الاستعارة على ما سبق لك في بيان مذهبه في الاستعارة بالكناية ، وقد رد هذا بأنه يستلزم ألا تصح الإضافة نحو : فما ربحت تجارتهم ، لبطلان إضافة الشيء الى نفسه ، وألا يكون الأمر بالبناء لهامان في قوله : يا هامان ابن لي صرحا ، لأن المراد به حينئذ العملة أنفسهم ، وأن يتوقف جواز التركيب في نحو : أنبت الربيع البقل ، على السمع ، لأن أسماء الله تعالى توقيفية ، وكل هذه اللوازم منتفية فتنتفى ملزوماتها.
تتمة وفيها مهمان
١ ـ المجازات (١) اللغوية المفردة يجب إقرارها حيث وردت ولا يجوز تعديها إلا بإذن وتوقيف من اللغة ، فإذا استعير لفظ الأسد للشجاع لما يربطهما من معنى الشجاعة يجب إقراره ، ولا يجوز تعديته واستعارته للرجل الأبخر لعلاقة المشابهة بينهما ، ولفظ نخلة اذا استعير للرجل الطويل بجامع الطول في كل ، لا يصح أن نعديه ، ونطلقه على الحبل من أجل طوله.
أما المجازات العقلية فيجوز تعديها الى غير محالها التي وردت فيها ، فكما ورد قوله تعالى : (أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها)(٢) ، قيل : تكاثرت أشواقي وأسقمني فقدك وأحيتني مشاهدتك ، الى غير ذلك مما لا يكاد يضبط في الرسائل والمواعظ والخطب كما قال ابن نباتة الخطيب : إنه الموت حسام أزهق النفوس ذبابه (٣) ، كذا في الطراز.
٢ ـ المجاز خلاف الأصل ، فلا يصار اليه إلا لباعث يرجع إما الى اللفظ ، وإما الى المعنى ، وإما اليهما جميعا :
(أ) فمما يرجع الى اللفظ أن يكون المجاز أخف على اللسان من الحقيقة كما نشعر بذلك في مثل لفظ الخنفقيق (الداهية) ، أو يكون صالحا للقافية أو السجع وهي لا تصلح لذلك ، أو يكون مألوف الاستعمال والحقيقة غريبة وحشية.
(ب) ومما يرجع الى المعنى ، قصد التعظيم ، كما تقول : سلام على المجلس ،
__________________
(١) وهي كون مثل هذا استعارة بالكناية.
(٢) سورة يونس الآية ٢٤.
(٣) الذباب : طرف السيف الذي يضرب به.