٣ ـ رمز وهو لغة أن تشير الى قريب منك خفية بشفة ، أو حاجب ، كما قال :
رمزت إلي مخافة من بعلها |
|
من غير أن تبدي هناك كلامها |
واصطلاحا هو كناية قلت وسائطها مع خفاء اللزوم نحو : هو غليظ الكبد ، كناية عن القسوة ، إذ ذلك تتوقف على معرفة ما كان يعتقده العرب من أن الكبد موضع الاحساس والتأثر فيلزم من رقته اللين ومن علظه القسوة ، ونحوه ما سبق.
٤ ـ إيماء وإشارة ، وهي كناية قلت وسائطها ، مع وضوح الدلالة ، كقول أبي تمام يصف إبله مادحا أبا سعيد (١) :
أبين فما يزرن سوى كريم |
|
وحسبك أن يزرن أبا سعيد |
وقول البحتري يمدح آل طلحة :
أو ما رأيت المجد ألقى رحله |
|
في آل طلحة ثم لم يتحول |
ومن لطيف ذلك وعجيبه قول بعضهم في رثاء البرامكة :
سألت الندى والجود مالي أراكما |
|
تبدلتما ذلا بعز مؤبد |
وما بال ركن المجد أمسى مهدما |
|
فقالا أصبنا بابن يحيى محمد |
فقلت : فهلا متما عند موته |
|
فقد كنتما عبديه في كل مشهد |
فقالا : أقمنا كي نعزي بفقده |
|
مسافة يوم ثم نتلوه في غد |
المبحث الرابع في حسن الكناية وقبحها
الكناية تكون حسنة إن جمعت بين الفائدة ولطف الإشارة كما تقدم لك من الأمثلة ، وقبيحة اذا خلت مما ذكر ، كقول الشريف الرضي يرثي امرأة :
(إن لم تكن نصلا فغمد نصال) ، فهذا من رديء الكنايات ، إذ هذا لا يفيد ما قصده من المعنى ، بل ربما جرّ الى ما يقبح من تهمتها بالريبة.
ونحوه قول أبي الطيب :
إني على شغفي بما في خمرها |
|
لأعف عما في سراويلاتها |
قال ابن الأثير : فهذه كناية عن النزاهة والعفة ، إلا أن الفجور أحسن منها ،
__________________
(١) هو أبو سعيد بن يوسف الثغري.