مراعاة النظير ـ التناسب ـ الائتلاف
هي أن يجمع في الكلام بين أمرين ، أو أمور متناسبة ، لا بالتضاد ، وبالقيد الأخير يخرج الطباق.
فالجمع بين أمرين كقوله تعالى : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ)(١).
وبين ثلاثة كقول البحتري يصف إبلا بالإنضاء والهزال : «كالقسيّ المعطّفات بل الأسهم مبرية بل الأوتار»
فقد اختار تشبيهها بالقسى دون العراجين والأطناب (٢) مثلا من أجل أنه أراد تشبيهها بالأسهم والأوتار ، فيحصل بذكرها معها ملاءمة لا تحصل بدونها.
وبين أربعة كقول بعضهم للوزير المهلبي : أنت أيها الوزير إسماعيليّ الوعد ، شعبيّ التوفير ، يوسفي العفو ، محمدي الخلق.
وبين أكثر من أربعة كقول ابن رشيق :
أصح وأقوى ما سمعناه في الندى |
|
من الخبر المأثور منذ قديم |
أحاديث ترويها السيول عن الحيا |
|
عن البحر عن جود الأمير تميم |
فقد لائم بين الصحة والقوة والسماع والخبر والأحاديث والرواية ، ثم بين السيل والحيا ، أي المطر والبحر ، وكف تميم ، وبذا صار الكلام ملتئم النسج ، محكم التأليف والحوك ، مع ما أدخله في البيت الثاني من حسن الصنعة ، إذ أتى بصحة الترتيب في العنعنة ، إذ جعل الرواية لصاغر عن كابر ، كما يقع في سند الأحاديث ، ألا ترى أن السيول أصلها المطر ، وهو أصله البحر ، وهو أصله كف الممدوح على حسب ما ادعاه مبالغة في المدح.
تشابه الأطراف
من مراعاة النظير ما يسمى : تشابه الأطراف ، وهو أن يختم الكلام بما يناسب أوله في المعنى كقوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)(٣).
__________________
(١) سورة الرحمن الآية ٥.
(٢) العراجين جمع عرجون ، الكياسة والاطناب جمع طنب حبل الخيمة ونحوها.
(٣) سورة الأنعام الآية ١٠٣.