وما في ترتب لزوم الهجران على وشي الواشي من المبالغة في كون حبه على شفا جرف ، إذ يزيله مطلق الوشاية ، فكيف يكون لو سمع أو رأى عيبا ، كما قال الآخر :
ولا خير في ود ضعيف تزيله |
|
هواتف وهم كلما عرضت جفا |
العكس ـ التبديل
هو أن تقدم في الكلام جزءا ، ثم تعكس فتقدم ما أخرت وتؤخر ما قدمت وهو على وجوه ، منها :
١ ـ أن يقع بين أحد طرفي جملة وما أضيف اليه ذلك الطرف نحو قولهم : عادات السادات سادات العادات (١) ، فالعادات أحد طرفي الكلام ، والسادات مضاف الى ذلك الطرف ، وقد وقع العكس بينهما بأن قدم أولا العادات على السادات ثم السادات على العادات.
ونحوه قول بعضهم لآخر : لم لا تفهم ما يقال؟ فأجاب : لأنك لم تقل ما يفهم.
وقول متصدق : لا سرف في الخير ، ردا على من اتهمه بالتبذير ، وقال له : لا خير في السرف.
وقول المتنبي :
أرى كل ذي ملك اليك مصيره |
|
كأنك بحر والملوك جداول |
إذا أمطرت منهم ومنك سحابة |
|
فوابلهم طلّ وطلّك وابل |
٢ ـ أن يقع بين متعلقي فعلين في جملتين نحو : يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.
وقول الحماسي :
رمى الحدثان نسوة آل حرب |
|
بأمر قد سمدن له سمودا (٢) |
فرد شعورهن السود بيضا |
|
ورد وجوههن البيض سودا |
__________________
(١) أي أن العادة التي تصدر من سيد الناس هي العادة الحسنى التي تستحق أن تسمى سيدة العادات.
(٢) الحدثان نوائب الدهر ومصائبه ، وسمد لها : غفل.