٣ ـ أن يقع بين لفظين في طرفي جملتين نحو : ما عليك من حسابهم من شيء يوما من حسابك عليهم من شيء ، وقول الحسن البصري : إن من خوّفك حتى تلقى الامن خير ممن آمنك حتى تلقي الخوف ، وقول المتنبي :
فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله |
|
ولا مال في الدنيا لمن قل مجده |
الرجوع
هو رجوع المتكلم الى الكلام السابق بنقضه وإبطاله لنكتة كالتحسر والتحزن في قول زهير :
قف بالديار التي لم يعفها القدم |
|
بل وغيّرها الأرواح والديم |
فإنه حين وقف على الديار دهش (١) وذهل ، فأخبر بما هو غير حاصل فقال : لم يعفها القدم ثم ثاب اليه رشده فتدارك كلامه وقال : يلي وغيرها الأرواح والديم. ونحو قول الحماسي :
أليس قليلا نظرة إن نظرتها |
|
إليك وكلا ليس منك قليل |
التورية (٢) ـ الايهام ـ التخيير
هي لغة مصدر ورى الخبر اذا ستره وأظهر غيره ، واصطلاحا أن يذكر المتكلم لفظا له معنيان ، أحدهما قريب ودلالة اللفظ عليه ظاهرة والآخر بعيد ، ودلالة اللفظ عليه خفية ويريد المعنى البعيد ، ويورى عنه بالمعنى القريب فيتوهم السامع لأول وهلة أنه يريده ، وهو ليس بمراد ، ومن ثم سميت إيهاما ، كقول لصلاح الصفدي :
وصاحب لما أتاه الغنى |
|
تاه ونفس المرء طماحه |
وقيل هل أبصرت منه يدا |
|
تشكرها قلت ولا راحه |
فللراحة معنيان : قريب ، وهو الكف ، وهو المتبادر بقرينة ذكر اليد ، وبعيد مراد وهو ضد التعب.
__________________
(١) أي فظن الشيء واقعا وليس هو كذلك ثم عاد الى إبطاله بعد أن أفاق فأخبر بالحقيقة مع التأسف على فوات ما رغب فيه والتحسر على ما رأى.
(٢) الفرق بينهما وبين المجاز والكناية أنه لا يعتبر بين معنى التورية لزوم وانتقال من أحدهما إلى الآخر ولا علاقة بينهما كذلك بخلافهما.