وقوله تعالى : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً)(١).
٢ ـ أن يثبت لشيء صفة مدح وتعقب بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى كقوله عليهالسلام : «أنا أفصح العرب بيد أني من قريش».
وقال النابغة الجعدي :
فتى كملت أخلاقه غير أنه |
|
جواد فما يبقي من المال باقيا |
وهذا الضرب يفيد التأكيد من الوجه الثاني فقط ، ومن ثم كان الضرب الأول أبلغ وأجمل.
٢ ـ أن يؤتى بالاستثناء المفرغ كقوله تعالى : (وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا)(٢) ، إذ المعنى : وما تعيب منا إلا أسس المناقم ودعائم المفاخر كلها وهو الإيمان بآيات الله.
ويجري الاستدراك في هذا الباب مجرى الاستثناء ، كقول البديع الهمذاني :
هو البدر إلا أنه البحر زاخرا |
|
سوى أنه الضرغام لكنه الوبل |
فإن قوله : إلا وسوى استثناء مثل : بيد أني من قريش ، وقوله : لكنه استدرك يفيد فائدة الاستثناء إذ إلا في باب الاستثناء المنقطع بمعنى لكن.
تأكيد الذم بما يشبه المدح
وهو ضربان :
١ ـ أن يستثنى من صفة مدح منفية عن الشيء صفة ذم بتقدير دخولها فيها كما تقول : فلان لا خير فيه إلا أنه يتصدق بما يسرقه (٣).
٢ ـ أن يثبت للشيء صفة ذم وتعقب بأداة استثناء تليها صفة ذم أخرى له كما تقول : فلان حسود إلا أنه نمام ، وبيان إفادة الضربين للتوكيد على تفاوت فيهما تفهم قياسا على ما عرفت في النوع السالف ، كما أن الاستدراك كالاستثناء.
__________________
(١) سورة الواقعة الآية ٢٤.
(٢) سورة الأعراف الآية ١٢٦.
(٣) أي انتفت عنه صفات الخير إلا هذه الصفة إن كانت خيرا لكنها ليست خيرا ، فلا خير فيه أصلا.