الاستتباع
هو المدح بشيء على وجه يستتبع المدح بشيء آخر ، كقول المتنبي :
نهبت من الأعمار ما لو حويته |
|
لهنئت الدنيا بأنك خالد |
فقد مدحه ببلوغه الغاية في الشجاعة إذ كثر قتلاه ، بحيث لو ورث أعمارهم لخلد في الدنيا ، على أسلوب استتبع مدحه بكونه سببا لصلاح الدنيا ونظامها من قبل أنه جعل الدنيا مهنأة بخلوده ولا تهنأ إلا بما فيه صلاحها.
وفي البيت وجهان آخران من المدح ، أحدهما أنه نهب الأعمار دون الأموال ، وثانيهما أنه لم يكن ظالما في قتل أي أحد من مقتوليه لأنه لم يقصد بذا إلا صلاح الدنيا وأهلها فهم مسرورون ببقائه.
الادماج
هو لغة الادخال ، فيقال : أدمج الشيء في ثوب ، اذا لفه فيه ، واصطلاحا : أن يجعل المتكلم الكلام الذي سيق لمعنى من مدح أو غيره (١) متضمنا معنى آخر كقول أبي الطيب :
أقلب فيه أجفاني كأني |
|
أعدّ به على الدهر الذنوبا (٢) |
فقد ساق الكلام أصالة لبيان طول الليل وأدمج في ذلك على جهة الاستتباع الشكاية من الدهر.
ونحوه قول ابن المعتز في وصف نبات يسمى الخيري :
فقد نقض العاشقون ما صنع الهج |
|
ـ ر بألوانهم على ورقة |
فإن الغرض وصف الخيري بصفة لكنه أدمج الغزل في الوصف.
وفيه وجه ثان من الحسن وهو إيهام الجمع بين متنافين وهما الايجاز والاطناب ، أما الأول فمن جهة الادماج ، وأما الثاني فلأن الغرض الوصف بالصفرة ، واللفظ زائد عليه لفائدة.
__________________
(١) فهو أعم من الاستتباع لاختصاصه بالمدح.
(٢) ضمير فيه لليل أي لتقليب أجفاني في الليل كأني أعد بها على الدهر ذنوبه.