الهزل الذي يراد به الجد (١)
هو أن يقصد المتكلم مدح إنسان أو ذمه فيخرج ذلك المقصد مخرج الهزل والمجون ، كقول أبي نواس :
اذا ما تميمي أتاك مفاخرا |
|
فقل عدّ عن ذا كيف أكلك للضب |
أي تباعد عن هذا التفاخر وخبرني كيف تأكل الضب ، ولا مفاخرة مع من يأكله لأن أشرف الناس تعافه ، ونظيره قول ابن نباتة :
سلبت محاسنك الغزال صفاته |
|
حتى تحير كل ظبي فيكا |
لك جيده ولحاظه ونفاره |
|
وكذا نظير قرونه لأبيكا |
تجاهل العارف
هو سوق المعلوم مساق غيره (٢) لنكتة :
١ ـ كالتوبيخ في قول ليلى بنت طريف ترثي أخاها الوليد حين قتله يزيد ابن مزيد الشيباني في عهد هارون الرشيد :
أيا شجر الخابور مالك مورقا |
|
كأنك لم تجزع على ابن طريف |
٢ ـ وكالمبالغة في المدح في قول البحتري :
ألمع برق سرى أم ضوء مصباح |
|
أم ابتسامتها بالمنظر الضاحي (٣) |
٣ ـ وكالمبالغة في الذم كقول زهير :
وما أدرى وسوف إخال أدري |
|
أقوم آل حصن أو نساء |
٤ ـ وكالتدله في الحب كقول الحسين بن عبد الله الغريبي :
بالله يا ظبيات القاع قلنا لنا |
|
ليلاي منكن أم ليلى من البشر |
٥ ـ وكالتحقير في قوله تعالى حكاية عن الكفار :
__________________
(١) الفرق بينه وبين التهكم أن التهكم ظاهره جد وباطنه هزل ، وهذا بعكسه ، وهزليته باعتبار أصل استعماله وجديته باعتبار ما هو عليه الآن.
(٢) والغرض من ذلك المبالغة في إفادة المعنى المراد من ذم أو مدح أو نحو ذلك.
(٣) المنظر الوجه ، والضاحي الظاهر.