وقول البحتري :
إذا ما رياح جودك هبّت |
|
صار قول العذول فيها هباء |
قال في «أسرار البلاغة» : لا يحسن تجانس اللفظين إلا اذا كان موقع معنيهما من العقل موقعا حميدا ولم يكن مرمى الجامع بينهما مرمى بعيدا ، أتراك استضعفت تجنيس أبي تمام في قوله :
ذهبت بمذهبه السماحة فالتوت |
|
فيه الظنون أمذهب أم مذهب |
واستحسنت تجنيس القائل : حتى نجا من خوفه وما نجا (١). وقول المحدث :
ناظراه فيما جنى ناظراه |
|
أودعاني أمت بما أودعاني |
لأمر يرجع الى اللفظ أم لأنك رأيت الفائدة ضعفت في الأول وقويت في الثاني ورأيتك لم يزدك بمذهب ومذهب على أن أسمعك حروفا مكررة تروم لها فائدة فلا تجدها إلا مجهولة منكرة ، ورأيت الآخر قد أعاد عليك اللفظة كأنه يخدعك عن الفائدة وقد أعطاها ويوهمك كأنه لم يزدك وقد أحسن الزيادة ووفاها ، فبهذه السريرة صار التجنيس ، وخصوصا المستوفى منه ، المتفق في الصورة من حلى الشعر ومذكورا في أقسام البديع ، اه.
وقال ابن رشيق في «العمدة» : التجنيس من أنواع الفراغ وقلة الفائدة ومما لا يشك في تكلفه ، وقد أكثر منه الساقة المتعقبون في نظمهم ونثرهم ، حتى برد ورك ، اه.
وقال ابن حجة الحموي في «خزانة الأدب» : أما الجناس فإنه غير مذهبي ومذهب من نسجت على منواله من أهل الأدب.
رد العجز على الصدر ـ التصدير
هو في النثر جعل أحد اللفظين المكررين (٢) أو المتجانسين (٣) أو ملحقين (٤) بهما اشتقاقا أو شبه اشتقاق في أول الفقرة ، والآخر في آخرها ، فالمكرران نحو :
__________________
(١) نجا الأولى أحدث ، والثانية خلص.
(٢) أي المتفقين في اللفظ والمعنى.
(٣) أي المتفقين في اللفظ دون المعنى.
(٤) أي اللذين يجمعهما الاشتقاق أو شبهه.