متممات
أولا : علمت مما سبق في بيان تعريف الفصاحة والبلاغة ، ما يعتور الكلام من العيوب ، ويزري بقيمته ويحط من قدره ، فوجب أن تعرف بم تداوي هذه العيوب ، فتقول :
(أ) مخالفة القياس ـ يمكن تجنبها بالاطلاع على علم التصريف ، فهو الكفيل بمعرفة سنن المفردات العربية ونهج استعمالها ، ألا ترى أن نافع بن أبي نعيم ، وهو من أكابر القراء السبعة قدرا وأفخمهم شأنا ، قال في معايش ، معائش بالهمز ، مع أن الياء (١) فيها ليست زائدة لأنها من العيش ، فعيب عليه ذلك ، حتى إن أبا عثمان المازني قال : إن نافعا لم يدر ما العربية.
(ب) ضعف التأليف والتعقيد اللفظي ـ يتباعد عنهما بملاحظة قواعد النحو ، إذ هو الباحث عن كيفية استعمال المركبات على وجه الصواب. وقد يشذ عن قانونه الخاصة بله العامة فينزل كلامهم الى الدرك الأسفل ويكون عرضة للقادح ، انظر ما وقع فيه أبو نواس حيث يقول في مدح الأمين :
يا خير من كان ومن يكون |
|
إلا النبيّ الطاهر الميمون |
فرفع المستثنى في موجب الكلام ، ومعرفة هذا من ظواهر النحو لا من خوافيه.
(ج) الغرابة ـ يسهل التباعد عنها بالاطلاع على متن اللغة ، فإذا تتبع المتكلم مشهور الكتب وأحاط بمعاني المفردات المأنوسة ، عرف أن ما سواه مما يفتقر إلى بحث وتنقير ، أو تخريج على وجه بعيد فغريب.
(د) الأحوال ومقتضياتها ـ تعلم من دراسة علم المعاني.
(ه) التعقيد المعنوي ـ يمكن التجافي عنه بدراسة علم البيان.
(و) وجوه تحسين الكلام التي تكسوه طلاوة وتكسبه رقة ، بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال ووضوح الدلالة ـ تعرف من علم البديع.
(ز) التنافر ـ وملاك معرفته الذوق السليم والشعور النفسي.
__________________
(١) ظن أن مفردها فعلية فجمعها على فعائل ، وليس كذلك ، بل هي مفعلة بكسر العين ، فأصلها معيشة بكسر الياء ، فياؤها ليست كياء صحيفة فلا تنقلب في الجمع همزة.