ثانيا : علم البيان في اصطلاح المتقدمين اسم جامع للعلوم الثلاثة (المعاني والبيان والبديع) وعليه قول الجاحظ : البيان اسم جامع لكل ما كشف لك المعنى ، وقول ابن المعتز : البيان ترجمان القلوب وصيقل العقول.
بعض الأئمة يسمي الثلاثة علم البديع لما فيها من بديع الصنعة ، كما يسمي بعضهم الأول علم المعاني ، والأخيرين علم البيان.
ثالثا : للمتقدمين في حدود البلاغة ورسومها ، كلمات مجملة تقرب لك بعضا مما فصلناه ، منها قول محمد بن الحنفية : البلاغة قول تضطر العقول الى فهمه بأيسر العبارة. وقول ابن المعتز : البلاغة البلوغ الى المعنى ولما يطل سفر الكلام ، وقول ابن الأعرابي : البلاغة التقرب من البغية ودلالة قليل على كثير. وقول بعضهم : هي قلة اللفظ ، وسهولة المعنى ، وحسن البديهة.
علم المعاني
هو قواعد يعرف بها كيفية مطابقة الكلام مقتضى الحال حتى يكون وفق الغرض الذي سيق له ، فبه نحترز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد ، فنعرف السبب الذي يدعو الى التقديم والتأخير ، والحذف والذكر ، والإيجاز حينا والاطناب آخر ، والفصل والوصل ، الى غير ذلك مما سنذكر بعد.
فمنه نعرف مثلا :
(١) أن العرب توجز إذ شكرت أو اعتذرت.
(٢) أن العرب تطنب إذا مدحت.
(٣) أن الجملة الاسمية تأتي لإفادة الثبات بمقتضى المقام.
فمتى وضع المتكلم تلك القواعد نصب عينيه لم يزغ عن أساليبهم ونهج تراكيبهم وجاء كلامه مطابقا لمقتضى الحال التي يورد فيها ، فالشكر حال يقتضي الايجاز وإيراد الكلام على هذه الصورة مطابقة لمقتضى الحال.
واضعة : أول من بسط قواعده الإمام عبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة ٤٧١ ه ، فهو الذي هذب مسائله وأوضح قواعده ، وقد وضع فيه الأئمة قبله نتفا كالجاحظ وأبي هلال العسكري ، إلا أنهم لم يوفقوا الى مثل ما وفق اليه ذلكم الحبر الجليل.