وأما الفصل بيننا وبين سائر الفرق فهو أنَّ لنا نقله أخبار وحملة آثار قد طبقوا البلدان كثرة ، ونقلوا عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام من علم الحلال والحرام ما يعلم بالعادة الجارية والتجربة الصحيحة أنَّ ذلك كله لا يجوز أن يكون كذباً مولداً ، وحكوا مع نقل ذلك عن أسلافهم أنَّ أبا عبد الله عليهالسلام أوصى بالامامة إلى موسى عليهالسلام ، ثمّ نقل إلينا من فضل موسى عليهالسلام وعلمه ما هو معروف عند نقله الأخبار ، ولم نسمع لهؤلاء بأكثر من الدَّعوى وليس سبيل التواتر وأهله سبيل الشذوذ وأهله ، فتأمَّلوا الأخبار الصادقة تعرفوا بها فصل ما بين موسى عليهالسلام ومحمّد وعبد الله بني جعفر ، وتعالوا نمتحن هذا الامر بخمس مسائل من الحلال والحرام ممّا قد أجاب فيه موسى عليهالسلام فإنَّ وجدنا لهذين فيه جواباً عند أحد من القائلين بامامتهما فالقول كما يقولون ، وقد روت الاماميّة أنَّ عبد الله بن جعفر سئل كم في مائتي درهم؟ قال : خمسة دراهم ، قيل له : وكم في مائة درهم؟ فقال : درهمان ونصف (١).
ولو أنَّ معترضا اعترض على الاسلام وأهله فادَّعى أنَّ ههنا من قد عارض القرآن (٢) وسألنا أن نفصل بين تلك المعارضة والقرآن ، لقلنا له : أمّا القرآن فظاهر ، فأظهر تلك المعارضة حتّى نفصل بينها وبين القرآن. وهكذا نقول لهذه الفرق ، أمّا أخبارنا فهي مرويّة محفوظة عند أهل الامصار من علماء الاماميّة فأظهروا تلك الأخبار الّتي تدَّعونها حتّى نفصل بينها وبين أخبارنا ، فأمّا أن تدَّعوا خبراً لم يسمعه سامع ولاعرفه أحدٌ ثمّ تسألونا الفصل بين [ هذا ] الخبر فهذا مالا يعجز عن دعوى مثله أحدٌ ، ولو أبطل مثل هذه الدعوى أخبار أهل الحقِّ من الاماميّة لابطل مثل هذه الدَّعوى من البراهمة أخبار المسلمين ، وهذه واضح ولله المنة.
وقد ادَّعت الثنوية أنَّ ماني أقام المعجزات وأنَّ لهم خبراً يدلُّ على صدقهم ،
__________________
(١) يعني لم يعلم عبد الله أنَّ نصاب الدرهم في الزكاة مائتان ، ولا زكاة فيما دون ذلك فأجاب في المسألة بالقياس وأخطأ.
(٢) يعني ادعى أنَّه جاء رجل وأتى بمثل هذا القرآن.