فقال لهم الموحّدون : هذه دعوى لا يعجز عنها أحدٌ فأظهروا الخبر لندلكم على أنَّه لا يقطع عذرا ولا يوجب حجّة ، وهذا شبيه بجوابنا لصاحب الكتاب.
ويقال لصاحب الكتاب : قد ادَّعت البكرية والاباضيّة (١) أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآله نصّ على أبي بكر وأنكرت أنت ذلك كما أنكرنا نحن أنَّ أبا عبد الله عليهالسلام أوصى إلى هذين ، فبيّن لنا حجتك ودلنا على الفصل بينك وبين البكرية والاباضية لندلك بمثله على الفصل بيننا وبين من سميّت.
ويقال لصاحب الكتاب : أنت رجلٌ تدَّعى أنَّ جعفر بن محمّد كان على مذهب الزّيديّة وإنّه لم يدع الامامة من الجهة الّتي تذكرها الاماميّة وقد ادَّعى القائلون بامامة محمّد بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد خلاف ما تدَّعيه أنت وأصحابك ويذكرون أنَّ أسلافهم رووا ذلك عنه فعرَّفنا الفصل بينكم وبينهم لنأتيك بأحسن منه ، وأنصف من نفسك فإنّه أولى بك.
وفرق آخر : وهو أنَّ أصحاب محمّد بن جعفر وعبد الله بن جعفر معترفون بأنَّ الحسين نصَّ على عليٍّ وأنَّ عليّاً نصّ محمّد وأنّ محمّداً نصّ علي جعفر ودليلنا أنَّ جعفراً نصَّ على موسى عليهمالسلام هو بعينه دون غيره دليل هؤلاء على أنَّ الحسين نص على عليٍّ ، وبعد فإنَّ الامام إذا كان ظاهراً واختلف إليه (٢) شيعته ظهر علمه وتبيّن معرفته بالدِّين ، ووجدنا رواة الأخبار وحملة الاثار قد نقلوا عن موسى من علم الحلال والحرام ما هو مدوّن مشهور ، وظهر من فضله في نفسه ما هو بيّن عند الخاصّة والعامّة وهذه هي أمارات الامامة فلمّا وجدناها لموسى دون غيره علمنا أنَّه الامام بعد أبيه دون أخيه.
وشيءٌ آخر : وهو أنَّ عبد الله بن جعفر مات ولم يعقب ذكراً ولا نصَّ على أحد فرجع القائلون بامامته عنها إلى القول بامامة موسى عليهالسلام والفصل بعد ذلك بين أخبارنا وأخبارهم هو أنَّ الأخبار لا توجب العلم حتّى يكون في طرقه وواسطته قوم يقطعون
__________________
(١) الاباضية : فرفة من الخوارج أصحاب عبد الله بن اباض التميمي.
(٢) يعني بالاختلاف الاياب والذهاب.