دون غيرهم قولاً بلا حقيقة ودعوى بلا دليل ، فإنَّ كان ههنا دليل فيما يدَّعي كلُّ طائفة غير الوراثة والوصيّة وجب إقامته وإن لم يكن غير الدَّعوى للامامة بالوراثة والوصيّة فقد بطلت الامامة لكثرة من يدعيها بالوراثة والوصيّة ولا سبيل إلى قبول دعوى طائفة دون الاُخرى إن كانت الدَّعوى واحدة ، ولا سيّما وهم في إكذاب بعضهم بعضاً مجتمعون ، وفيما يدعى كلّ فرقة منهم منفردون.
فأقول ـ والله الموفّق للصواب ـ : لو كانت الامامة تبطل لكثرة من يدَّعيها لكان سبيل النبوَّة سبيلها ، لأنّا نعلم أنَّ خلقاً قد ادّعاها ، وقد حكى صاحب الكتاب عن الاماميّة حكايات مضطربة وأوهم أنَّ تلك مقالة الكل وأنّه ليس فيهم إلّا من يقول بالبداء.
ومن قال : إنَّ الله يبدو له من إحداث رأي وعلم مستفاد فهو كافر بالله. وما كان غير هذا فهو قول المغيريّة ، ومن ينحل للائمة علم الغيب. فهذا كفرٌ بالله ، وخروج عن الاسلام عندنا.
وأقلُّ ما كان يجب عليه أن يذكر مقالة أهل الحقِّ ، وأن لا يقتصر على أنَّ القوم اختلفوا حتّى يدلّ على أنَّ القول بالامامة فاسدٌ.
وبعد فإنَّ الامام عندنا يعرف من وجوه سنذكرها ثمّ نعتبر ما يقول هؤلاء ، فإنَّ لم نجد بيننا وبينهم فصلاً حكمنا بفساد المذهب ، ثمّ عدنا نسأل صاحب الكتاب عن أنَّ أيّ قول هو الحقُّ من بين الأقاويل :
أمّا قوله : « إنَّ منهم فرقة قطعت على موسى وائتمّوا بعده بابنه عليِّ بن موسى » فهو قول رجل لا يعرف أخبار الاماميّة (١) لأنّ كلّ الاماميّة ـ إلّا شرذمة وقفت وشذوذ قالوا بامامة إسماعيل وعبد الله بن جعفر ـ قالوا بامامة عليّ بن موسى ورووا فيه ما هو مدون في الكتب ، وما يذكر من حملة الأخبار ونقلة الاثار خمسة مالوا إلى هذه المذاهب في أول حدوث الحادث ، وإنّما كثر من كثر منهم بعد ، فكيف استحسن صاحب
__________________
(١) في بعض النسخ « أخبار النّاس ».