يا نوح قد انقضت نبوَّتك واستكملت أيّامك فانظر الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوَّة الّتي معك فادفعها إلى ابنك سام فانّي لا أترك الأرض إلّا وفيها عالم تعرف به طاعتي ويكون نجاةً فيما بين قبض النبيِّ ومبعث النبيّ الاخر ، ولم أكن أترك النّاس بغير حجّة وداع إلىَّ ، وهاد إلى سبيلي ، وعارف بأمري ، فانّي قد قضيت أن أجعل لكلّ قوم هادياً أهدي به السّعداء ويكون حجّة على الاشقياء ، قال : فدفع نوح عليهالسلام الاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوَّة إلى ابنه سام ، فأمّا حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به ، قال : وبشّرهم نوح بهود وأمرهم باتّباعه ، وأن يفتحوا الوصيّة كلّ عام فينظروا فيها ويكون عيداً لهم كما أمرهم آدم عليهالسلام قال : فظهرت الجبريّة في ولد حام ويافث فاستخفى ولد سام بما عندهم من العلم ، وجرت على سام بعد نوح الدَّولة لحام ويافث وهو قول الله عزَّ وجلَّ : « وتركنا عليه في الاخرين » (١) يقول : تركت على نوح دولة الجبارين ويعزُّ الله محمّداً صلىاللهعليهوآله بذلك ، قال : وولد لحام السند والهند والحبش ، وولد لسام العرب والعجم ، وجرت عليهم الدَّولة وكانوا يتوارثون الوصيّة عالم بعد عالم حتّى بعث الله عزَّ وجلَّ هوداً عليهالسلام.
٤ ـ وحدَّثنا عليُّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقّاق رضياللهعنه قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعيِّ ، عن عمّه الحسين ابن يزيد النوفليِّ ، عن عليِّ بن سالم ، عن أبيه قال : قال الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام : لمّا حضرت نوحاً عليهالسلام الوفاة دعا الشيعة فقال لهم : اعلموا أنَّه ستكون من بعدي غيبة تظهر فيها الطواغيت ، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ يفرج عنكم بالقائم من ولدي ، اسمه هود ، له سمَت وسكينة ووقار ، يشبهني في خَلقي وخُلقي ، وسيهلك الله أعداءكم عند ظهوره بالرِّيح ، فلم يزالوا يترقّبون هوداً عليهالسلام وينتظرون ظهوره حتّى طال عليهم الامد وقست قلوب أكثرهم ، فأظهر الله تعالى ذكره نبيّه هوداً عليهالسلام عند اليأس منهم وتناهى البلاء بهم واهلك الأعداء بالرِّيح العقيم الّتي وصفها الله تعالى ذكره ،
__________________
(١) الصافات : ٧٨.