يا بني تميم لا تحضروني سفيهاً فإنَّ من يسمع بخل ، ولكلِّ انسان رأى في نفسه ، وانَّ السفيه واهن الراى وان كان قوِّى البدن ولاخير فيمن لا عقل له.
يا بني تميم كبرت سنّي ودخلتني ذلّة الكبر فإذا رأيتم منّى حسناً فاتوه ، واذا انكرتم منّى شيئاً فقوِّموني بالحقِّ أستقم له ، إنَّ ابني قد جاءني وقد شافه هذا الرَّجل فرآه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويأخذ بمحاسن الأخلاق ، وينهى عن ملائمها ، ويدعوا إلى أن يعبد الله وحده ، وتخلع الأوثان ويترك الحلف بالنيران. ويذكر أنَّه رسول الله ، وأنَّ قبله رسلاً لهم كتب ، وقد علمت رسولاً قبله كان يأمر بعبادة الله عزَّ وجلَّ وحده ، إنَّ أحق النّاس بمعاونة محمّد صلىاللهعليهوآله ومساعدته على أمره أنتم ، فإن يكن الّذي يدعو إليه حقّاً فهو لكم ، وإن يك باطلاً كنتم أحقُّ من كفَّ عنه وستر عليه.
وقد كان اسقف نجران يحدِّث بصفته ، ولقد كان سفيان بن مجاشع قبله يحدِّث به وسمى ابنه محمداً ، وقد علم ذوو الرأي منكم أنَّ الفضل فيما يدعو إليه ويأمر به ، فكونوا في أمره أوّلاً ولا تكونوا أخيراً ، اتّبعوه تشرَّفوا ، وتكونوا سنام العرب ، واتوه طائعين من قبل أن تأتوه كارهين ، فإنّي أرى أمراً ما هو بالهوينا لا يترك مصعداً إلّا صعّده ولا منصوباً إلّا بلّغه ، إنَّ هذا الّذي يدعوا إليه لو لم يكن دينا لكان في الاخلاق حسناً ، أطيعوني واتّبعوا أمري أسأل لكم ما لا ينزع منكم أبداً ، إنّكم أصبحتم أكثر العرب عدداً ، وأوسعهم بلداً ، وإني لارى أمراً لا يتّبعه ذليل إلّا عزّ ، ولا يتركه عزيز إلّا ذلَّ ، اتبعوه مع عزِّكم تزدادوا عزّاً ، ولا يكن أحد مثلكم ، إنَّ الاوَّل لم يدع للاخر شيئاً ، وإن هذا أمر لمّا هو بعده من سبق إليه فهو الباقي ، واقتدى به الثاني ، فأصرموا أمركم فإنَّ الصريمة قوَّة ، والاحتياط عجز (١).
فقال مالك بن نويرة : خرف شيخكم. فقال أكثم : ويل للشجيِّ من الخليِّ (٢)
__________________
(١) في بعض النسخ « فالاختلاط عجز » والصريمة : العزيمة في الشيء. والصرم القطع.
(٢) الخلى : الخالي من الهم والحزن خلاف الشجي والمثل معروف والمعنى إنّي في هم عظيم لهذا الامر الّذي أدعوكم إليه وأنتم فارغون غافلون فويل لي منكم. (البحار)