تذنيبان
قد ذكرنا تقديم عرف الشارع على غيره ، وهو فيما خصّ به ممّا حصل فيه الحقيقة الشرعية واضح ، لأنّ تعيينه ووضعه لهذا المعنى الذي أحدثه إنّما هو لأجل تفهيم المكلّفين المخاطبين ، فإذا خاطبهم به فلا بدّ أن يحمل على إرادة هذا المعنى.
وأمّا فيما لم يخصّ به ، بل كان عرفا لأهل زمانه ، فكذلك أيضا ، كالدّينار (١).
__________________
(١) في الحاشية : فانّهم مطبقون ظاهرا على أنّه هو المثقال الشرعي وأنّه بحسب الوزن عبارة عن درهم وثلاثة أسباع درهم فيكون كل عشرة دراهم سبعة دنانير في تقدير الدّرهم ، مخالفة بين المجمع والمشهور ، ومنهم «الرّوضة البهيّة» : ٢ / ٣١ ، حيث إنّهم قدروه بثمان وأربعين حبّة من أوساط الشعير بخلافه فإنّه عبارة عن اثنين وأربعين ، فبحسابه يصير الدّينار عبارة عن ستين حبة به أيضا. وإنّه عبارة عن عشرين قيراطا كل قيراط ثلاثة شعيرة. وبحساب المشهور يصير الدينار أزيد من ذلك بثمان شعيرا أو أربعة أسباع شعيرة ، وبحسب الجنس هو عبارة عن ذهب مسكوك ومنه قولهم : أهلك الناس الدّرهم البيض والدينار الصفر. وكان الأشيع في الاستعمالات في الفقه والحديث هو الأخير ، ثم إنّ في جعل الدينار مثالا لما كان للشارع فيه عرف وغيره بأن كان مشتركا بينه وبين أهل زمانه. والحكم بأنّ العرف الشرعي فيه مقدم على غيره إشكالا حيث إنّ الأشبه في النظر انّ الاطلاقات السّالفة كلها في العرف العام وإن كان بعضها مجازا ولا اختصاص بشيء منها للشارع وأهل زمانه كما في الدابّة وغيرها من العرفيات العامة إلّا أن يتكلّف انّ الشارع لما تكرّر مكالمته بهذه اللّفظة بخصوصها مع أصحابه في إحكام شيء بأزيد من أهل العرف العام كما ربما يظهر من الجميع ، لا جرم كأنّهم من بين أهل العرف اصطلحوا بينهم فيها بحيث إنّهم أينما تعاطوها لم يكن ذلك يتبعه عرف اللّغة ، بل مبنيّا على اصطلاح أنفسهم ، غاية الأمر انّ أهل العرف العام أيضا ـ