فإن شئت اختبر نفسك في مثل : رأيت مسلمين أو مسلمين ، فإنّه يتبادر منه رجلان مسلمان أو رجال مسلمون لا الرّجلان المسمّيان بمسلم والرجال المسمّون بمسلم ، فيعتبر في الأعلام المثنّيات والمجموعات مفهوم كلّي في مفردها مجازا ، مثل المسمّى بمسلم أو المسمّى بزيد مثلا ، ثمّ يثنّى ويجمع.
ويؤيّد ما ذكرنا ويؤكّده ، أنّه لو قلنا بكفاية مجرّد اتّفاق اللّفظ في التثنية والجمع ؛ للزم الاشتراك في مثل عينين إذا جوّزنا استعماله حقيقة في الشّمس والميزان ، أو البصر والينبوع ، فلا بدّ من التوقّف ، فيلزم هاهنا قرينة اخرى ، لأنّ التثنية للنوعين لا للفردين من نوع ، والمجاز خير من الاشتراك فيتكثّر الاحتياج الى القرائن.
الخامسة : المتبادر (١) من النّكرة المنفيّة المفيدة للعموم ، هو نفي أفراد ماهيّة واحدة.
وأيضا الإسم المنكر إذا اعتبر خاليا عن اللّام والتنوين ، وعلامة التثنية والجمع حقيقة في الماهيّة لا بشرط شيء ، وإذا لحقه التنوين يراد به فرد من أفراد تلك الماهيّة غير معيّنة ، وإذا لحقه الألف والنون أو الواو والنون مثلا يراد به فردان أو أفراد من تلك الماهيّة ، وإذا لحقه الألف واللّام فإمّا أن يشار بها الى الفرد أو لا ، فالثاني يراد به تعريف الجنس وتعيينه ، والأوّل ؛ فإمّا أن يراد به الإشارة الى فرد غير معيّن ، فهو المعهود الذّهني وهو في معنى النّكرة ، أو الى فرد معيّن ، فهو المعهود الخارجي ، أو الى جميع الأفراد ، فهو الاستغراق.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ دخول حرف النّفي على النّكرة لا تفيد إلّا نفي أفراد
__________________
(١) مسارعة الى الدليل قبل ذكره للمقصد ، لكن بحيث يتضمن دعواه. وكأنّه قال النكرة المنفية حقيقية في عموم النفي لجميع أفراد ماهيّة واحدة للمتبادر.