تلك الماهيّة. وإذا ثبت أنّ اللّفظ المشترك حقيقة في كلّ واحد من المعاني منفردا منفردا ، فلا شيء يوجب دخول معنى آخر من معانيه فيما دخله حرف النفي.
إذا تمهّد لك هذه المقدّمات ؛ فنقول :
استعمال المشترك في أكثر من معنى يتصوّر على وجوه :
منها : استعماله في جميع المعاني من حيث المجموع.
ومنها : استعماله في كلّ منها على البدل (١) ، بأن يكون كلّ واحد منها مناطا للحكم ، والفرق بينهما الفرق بين الكلّ المجموعي والأفرادي (٢).
ومنها : استعماله في معنى مجازي عام يشمل جميع المعاني ، وقد يسمّى ذلك
__________________
(١) قال في الحاشية : المراد بالبدل ليس ما هو المتداول في ألسنة الأصوليين في هذا المقام ، يريدون به الاستعمال المعهود في المشترك وهو أن يستعمل اللّفظ مرّة في هذا المعنى وأخرى في معنى آخر ، ولا ما هو المراد في المطلق حيث يراد فيه كل واحد من المعاني على البدل ، يعني يجوز في مثل اعتق رقبة بمقتضى قول الشرع اختيار كل فرد من أفراد الرّقبة بدلا عن الآخر ، فيجوز اختيار أحد الأفراد ويجوز تركه واختيار فرد آخر بدلا عنه ، بل المراد تعاور المعاني المتعدّدة للّفظ الواحد ، والفرق بين ما ذكرنا وعام الأصولي انّ المراد بالعام الأصولي هو ما يعبّر عنه بكل واحد ونحوه. والمراد بما نحن فيه هذا وهذا الى آخر الأفراد. فمعنى قولنا : القرء من صفات النساء ، على ما هو محلّ النزاع انّ الحيض والطهر من صفات النساء ، لا كل واحد من الحيض والطهر من صفات النساء ، إذ من الواضح أنّ معنى القرء ليس كل واحد من الأمرين حقيقة مع أنّ محلّ النزاع لا بد أن يكون قابلا لقول القائل بكونه حقيقة فيها أيضا. انتهى.
(٢) وبيان الفرق بينهما أنّه لو قلنا كلّ العشرة وصلوا المسجد ، فالمراد ثبوت الحكم لمجموع أفراد العشرة من حيث المجموع وعلى الهيئة الاجتماعية ، فلا ينافي خروج الواحد أو الاثنين عنهما ، بخلاف ما لو قلنا كل القوم دخلوا المسجد ، فإنّ المراد ثبوت الحكم حينئذ لكل فرد من أفراد القوم فينافي خروج الواحد أو الاثنين منه.