اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ مدلول العلامات ليس مجرّد الإشارة الى الاثنينيّة أو التعدّد ، بل الاثنينيّة الخاصّة والتعدّد الخاصّ ، أعني ما يراد بها اثنان من ماهيّة أو أفراد منها ، فيكون التثنية والجمع مستندا بوضع على حدة ، فيمكن حينئذ القول بالتجوّز في هذا اللّفظ بأجمعه فيستعمل اللّفظ الموضوع لإفادة الفردين من ماهيّة ، أو الأفراد من ماهيّة في شيئين متّفقين في الإسم لا لكونهما فردين من المسمّى بهذا الإسم ، بل لكونهما مشابهين لفردين من ماهيّة معيّنة ، وعلاقة المشابهة اشتراكهما في الإسم وصدق الإسم عليهما لفظا وإن لم يرتبطا معنى.
والحاصل ، تشبيه الاشتراك اللّفظي بالمعنوي ، فيكون استعارة ، إلّا أنّ ذلك لا يثمر فائدة بعد تجويز إرادة الفردين من المسمّى بالعين مجازا. وذلك لأنّ ثمرة النّزاع في استعمال اللّفظ حقيقة ومجازا يحصل بذلك المجاز ، فإذا علم بالقرينة عدم إرادة المعنى الحقيقي ، فيصحّ الحمل على هذا المجازي ـ أعني عموم الاشتراك ـ فثبوت المجاز الآخر الذي هو داخل في محلّ النّزاع غير معلوم ، وعدم الثبوت يكفي في ثبوت العدم ، غاية الأمر جوازه ، وهو لا يفيد وقوعه ؛ فتأمّل ، مع أنّ المجاز الأوّل أقرب وأشيع فهو أولى بالإرادة.
لا يقال : يمكن القول بوجود ثمرة ضعيفة حينئذ ، نظير الثمرة الحاصلة في الفرق بين قول المعتزلة والأشاعرة في الواجب التخييري (١) ، لأنّ مورد الحكم هنا
__________________
(١) انّ المعتزلة والأشاعرة بعد اتفاقهم على جواز الأمر بشيء أو أشياء على سبيل التخيير ، اختلفوا في انّ الواجب حينئذ هو كل واحد من الأفراد أو أحد الأبدال ، أعني المفهوم المنتزع منها ، والمعتزلة على الأوّل والأشاعرة على الثاني ، والمصنف قد ذكر في قانون الواجب التخيري انّ الثمرة بينهما إنّما تظهر في اتصاف الافراد بالوجوب الشرعي على الأوّل دون الثاني ، فإنّ الواجب شرعا على الثاني.