قانون
اختلفوا في جواز استعمال اللّفظ في المعنى الحقيقي والمجازي على نهج استعمال المشترك في أكثر من معنى ، بأن يكون كلّ واحد منهما محلّا للحكم وموردا للنفي والإثبات ، فمنهم من منع مطلقا (١) ، ومنهم من جوّز مجازا (٢) ، ومنهم من جعله حقيقة ومجازا بالنسبة الى المعنيين (٣).
والأقوى المنع مطلقا ، لما عرفت في مقدّمات المسألة السّابقة من أنّ وضع الحقائق والمجازات وحدانية نظرا الى التوظيف والتوقيف (٤). فمع القرينة المانعة عن إرادة ما وضعت له وإرادة معنى مجازي لا يمكن إرادة ما وضعت له كما ذكرنا ، بل ولا غيره من المعاني المجازيّة الأخر ، ويتمّ بذلك عدم جواز إرادة المعنيين من اللّفظ.
وقد يستدلّ على ذلك (٥) : بأنّ المجاز ملزوم للقرينة المعاندة للمعنى الحقيقي ،
__________________
(١) وهو اختيار المصنف وذكره في «مدارك الأحكام» : ١١ / ٧٣ ، وحكي عن المحقق في «المعارج» وغيرهما من الأواخر ص ٥٣ في فرعين من مبحث الحقيقة والمجاز.
وهذا المانع هو ثالث بين فريقين أحدهما يمنعه من حيث الامكان عقلا كأبي هاشم والتفتازاني على ما نسب إليهما ، والآخر يمنعه من حيث اللّغة.
(٢) حكي عن العلامة في «النهاية» ، وإليه يؤول رأي صاحب «المعالم» ص ١١٤.
(٣) والى هذا يرجع مآل سلطان العلماء. وقوله بالنسبة الى المعنيين بأن يراد باستعمال واحد إفادة المعنى الحقيقي اعتمادا على وصفه وإفادة المعنى المجازي تعويلا على مناسبة الموضوع له ، فيتّصف بالحقيقة والمجاز بالاعتبارين.
(٤) إذ اللّغات توقيفية كالأحكام الشرعية ، بل الأمر في اللّغات أشدّ ، ولذا لم يقل بالتصويب فيها وإن قيل به في الأحكام.
(٥) ونقله في «المعالم ص ١٠٩ ، وذكر وضوح بطلانه.