وملزوم معاند الشيء معاند له. ومناط هذا الاستدلال عدم جواز اجتماع الإرادتين عقلا ، كما أنّ مناط ما ذكرنا ، عدم الرّخصة من الواضع.
وقد اعترض (١) على هذا الاستدلال : بأنّ غاية ما ثبت ، كون المجاز ملزوما لقرينة مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي منفردا.
وأمّا عن إرادة المعنى الحقيقي مطلقا فلا. يعني : إنّ (يرمي) في قولنا : رأيت أسدا يرمي ، يدلّ على أنّ المراد من الأسد ليس الحيوان المفترس فقط. وأمّا هو مع الرّجل الشّجاع فلا.
وأيضا (٢) ، فقد يستعمل اللّفظ الموضوع للجزء في الكلّ ، مثل : (الرّقبة) في الإنسان ، ولا ريب في ثبوت إرادة المعنى الحقيقي مع المجازي.
وكما يمكن دفع ذلك : بأنّ مرادنا من القرينة المانعة عن إرادة المعنى الحقيقي هي المانعة عن إرادته بالذّات ، لا مطلقا ؛ فكذا يمكن أن يقال بأنّ مرادنا منها المانعة عن إرادته منفردا ، فمن أين يحكم بأنّ المراد هو الأوّل لا الثاني! فكما لا يجب كونها مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي في ضمن المجازي ، كذا لا يجب كونها مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي مع المجازي ، بحيث يكون كلّ منهما موردا للنفي والإثبات.
أقول : ويمكن الجواب عن الأوّل : بأنّ ذلك مبنيّ على كون اللّفظ موضوعا للمعنى لا بشرط الانفراد ولا عدمه ، حتى يصحّ القول بكون اللّفظ مستعملا حينئذ
__________________
(١) ثلاثة منها للفاضل الشّيرواني على ما حكي عنه ، والرابع للمحقق السلطان على ما أشار إليه المصنف.
(٢) هذا جواب نقضي.