النزاع ـ فيستلزم ذلك إسقاط قيد الوحدة ، فيكون مجازا ، لا إنّه يراد به معنى ثالث يشمل المعنيين حتى يكون من باب عموم المجاز الذي لا نزاع فيه.
والجواب عن ذلك بعد بطلان أصل الجواز ، واضح.
وأمّا ما فصّل (١) : بأنّ المراد في محلّ النزاع من المعنى المستعمل فيه إن كان هو المعنى الحقيقي حتّى مع قيد الوحدة ، فالمانع مستظهر ، لأنّ المجاز معاند للحقيقة حينئذ من وجهين : من جهة القرينة المانعة ، ومن جهة اعتبار الوحدة.
وإن أرادوا مطلق المدلول من دون اعتبار الانفراد ، اتّجه الجواز (٢) ، لأنّ المعنى الحقيقي حينئذ يصير مجازا بإسقاط قيد الوحدة ، فالقرينة اللّازمة للمجاز لا تعانده (٣).
ففيه : مع أنّ ذلك يستلزم عدم الفرق بين الكناية والمجاز حينئذ ، لأنّ المفروض أنّ المجازية إنّما حصلت بإسقاط قيد الوحدة ، ومع إسقاطه صحّت إرادته مع المعنى المجازي ، أنّ القرينة كما أنّها مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي ، لا بدّ أن تكون مانعة عن إرادة المعنى المجازي الآخر أيضا ، وإلّا لم يتعيّن المراد ، إلّا أن يقول إنّ القرينة مانعة عن المجازات الأخر ، إلّا أن يقوم قرينة على إرادة بعضها كما فيما نحن فيه ، فإنّ المفروض وجوب إقامة قرينة اخرى على إرادة المعنيين معا كما في المشترك أيضا ، وإلّا فكيف يعلم إرادة المعنيين من اللّفظ ، ومع ما عرفت من كون أوضاع الحقائق والمجازات وحدانيّة ، فالأمر أوضح.
__________________
(١) وهو صاحب «المعالم» ص ١١٢.
(٢) بأن يقال : رأيت أسدا ويراد منه الحيوان المفترس والرجل الشجاع. إن قلت : إذا أريد كلاهما يكون المجاز معاندا للحقيقة ، قلت : إنّما يلزم ذلك في الصورة الأولى وهي أن يكون المراد هو المعنيين مع قيد الوحدة ، وأمّا إذا ألغينا قيد الوحدة ، فلا يلزم حينئذ الإشكال.
(٣) انتهى كلام صاحب «المعالم» فيه ص ١١٣.