وأمّا على ما حقّقنا موضع النّزاع من عدم مدخلية الزّمان أصلا وعدم اعتبار حال النطق ، فلا إشكال ، إذ المراد أنّ المتلبّس بالزّنا أو السّرقة مثلا حكمه كذا ، سواء كان تلبّسه حال النطق أو قبله أو بعده ، ولا يضرّ ثبوت الحكم بعد حال الانقضاء وإن طال المدّة ، لأنّ إجراء الحكم ثابت حينئذ بالاستصحاب وغيره من الأدلّة.
تتميم
ينبغي أن يعلم أنّ مبادئ المشتقّات مختلفة ، فقد يكون المبدا حالا كالضّارب والمضروب ، وقد تكون ملكة ، وقد يعتبر مع كونه ملكة كونه حرفة وصنعة مثل : الخيّاط والنجّار والبنّاء ونحوها ، وقد يكون لفظ يحتمل الحال والملكة والحرفة كالقارئ والكاتب والمعلّم ، والتلبّس وعدم التلبّس يتفاوت في كلّ منها ، فالّذي يضرّ بالتلبّس في الملكة هو زوالها بسبب حصول النسيان ، وفي الصناعة الإعراض الطويل بدون قصد الرّجوع.
وأمّا الإعراض مع قصد الرّجوع ـ ولو كان يوما أو يومين ، بل وشهرا أو شهرين أيضا مع إرادة العود ـ فغير مضرّ. ويصدق على من لم ينس ، ومن أعرض وقصد العود في العرف أنّه متلبّس بالمبدإ فيهما ، وإن طرأ الضدّ الوجودي لأصل ذلك الفعل أيضا.
وأمّا في الأحوال فالتلبّس فيها أيضا يختلف في العرف ، فأمّا في المصادر السيّالة ، فيكفي الاشتغال بجزء من أجزائه ، وأمّا في غيرها كالسّواد والبياض وغيرهما من الصّفات الظاهرة والباطنة ، فالمعتبر بقاء نفس الصّفات.
وقد اختلط على بعض المتأخّرين (١) ، واشتبه عليه الأمر وأحدث مذهبا في
__________________
(١) قيل المراد بالبعض هو الفاضل التوني على ما نقل ، وقيل انّه الوحيد البهبهاني. والذي ـ