العرف ، والتبادر بعنوان الإيجاب والإلزام كما مرّ ، والأصل عدم إرادة شيء آخر معها.
فما قيل : من أنّ المادة إن لم تدلّ على القيد ؛ فالهيئة تدلّ عليه ، في معرض المنع. ومقايسة القائلين (١) بالتكرار ، الأمر بالنهي بجامع الطّلب ، باطل ، لأنّه في اللّغة (٢) ومع الفارق ، لأنّ نفي الحقيقة كما هو مدلول النّهي ، يقتضي استغراق الأوقات ـ كما سيجيء ـ بخلاف إيجادها ، والتروك تجامع كلّ فعل بخلاف تكرار المأمور به.
وقولهم (٣) : بأنّه لو لم يكن الدلالة على التكرار لما تكرّر الصّوم والصّلاة مع أنّه معارض بالحجّ.
مدفوع : بأنّه من دليل خارج كما توضّحه كيفيّة التكرار المقرّرة.
واحتجاجهم (٤) : بأنّ الأمر يستلزم النّهي عن الضدّ والنّهي يفيد دوام الترك ويلزمه دوام فعل المأمور به.
فيه : منع الاستلزام أوّلا ، إن أريد الخاص كما سيجيء ، ومنع استلزام دوام الترك دوام الفعل ثانيا ، إلّا في ضدّين لا ثالث لهما كالحركة والسّكون ، لعدم استحالة ارتفاع الضدّين مطلقا ، فلا يتمّ الإطلاق. ومنع دلالة النّهي على التكرار مطلقا ثالثا كما سيجيء. ومنع دلالة خصوص النّهي الذي في ضمن الأمر على الدّوام دائما ، بل إنّما هو تابع للأمر ، إن دائما فدائما وإن في وقت ففي وقت.
__________________
(١) هذا أول الاحتجاج للقائلين بالتكرار ، ونقله في «المعالم» : ص ١٤٥.
(٢) لانّه قياس في اللّغة كما قاله غيره.
(٣) ذكره في «المعالم» : ص ١٤٥.
(٤) ذكره في «المعالم» : ص ١٤٥ في مقام ذكره احتجاج من يقولون بإفادة التكرار.