وردّ (١) : بأنّ جواز التأخير ليس بمشروط بمعرفة المكلّف بآخر أزمنة الإمكان ، بل إنّما يتوقّف على عدم كونه آخر أزمنة الإمكان ، والموقوف على معرفة آخر أزمنة الإمكان إنّما هو العلم بجواز التأخير ، لا نفس الجواز ، فإنّ الجواز في نفس الأمر لا يتوقّف على العلم بالجواز ، بل يكفي فيه عدم العلم بالمنع ، على ما يقتضيه أصالة الإباحة.
على هذا فيصير مآل كلام المجيب تسليم أنّه يجب عدم تأخير الفعل عن آخر أزمنة الإمكان ، ويمكن تحصيل البراءة بالمبادرة ، مع عدم لزوم وجوب المبادرة ، فلو بادر فيخرج عن عهدة التكليف ، ولو لم يبادر وفعله ثانيا ، فكذا ، وهكذا ، ولو لم يفعل حتّى خرج الوقت فيصير آثما ، فلم يلزم من ذلك فور ، ولا خروج الواجب عن الوجوب.
وتوهّم كون البدار مقدّمة للواجب ـ أعني عدم تأخير الفعل عن آخر أزمنة الامكان ـ مدفوع : بمنع التوقّف.
نعم ، إنّما يتوقّف حصول العلم بعدم تأخيره عن آخر أزمنة الإمكان في أوّل زمان التكليف بذلك ، ووجوبه ممنوع (٢).
وما يقال : من أنّ تحصيل البراءة اليقينيّة المسبّبة عن شغل الذمّة يقينا يستلزم الفور (٣) لإمكان أن يفاجئه الموت في الجزء الثاني من الوقت فضلا عن غيره ، فيأثم بالترك ؛ فهو ممنوع مثل سائر الواجبات الموسّعة أو الممتدّة بامتداد العمر ،
__________________
(١) وهذا الردّ من المدقق الشيرواني وقد ذكر صاحب «الفصول» : ص ٧٧ ما أورد وردّه.
(٢) راجع «الفصول» : ص ٧٧.
(٣) وقدد ردّه أيضا في «الفصول» : ص ٧٧.