من المجازات ، وكذلك الكلام في قوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ)(١).
وقد يجاب (٢) عن الآيتين بالحمل على الاستحباب ، لمنافاة مدلول الهيئة للمادّة لو حملت على الوجوب ، لعدم إطلاق المسارعة والاستباق عرفا إلّا على الموسّع ، فالحكم بوجوب الفور إثبات للتضييق ، والإتيان بالمضيّق عرفا ليس بمسارعة واستباق ، فإنّ المأمور بصوم شهر رمضان إذا صام فيه ، لا يقال أنّه مسارع.
وفيه : أنّه كما يمكن تحقّق المسارعة عرفا بملاحظة الوسعة في زمان الرخصة ، كذلك يمكن تحقّقها بملاحظة الوسعة في زمان الصّحّة. فعلى القول بالصّحّة في صورة التأخير في الفوري يصدق عرفا المسارعة بإتيانه في أوّل زمان الصّحّة ، كما يقال لمن حجّ في العامّ الأوّل من الاستطاعة أنّه سارع في حجّه ، وكذلك لمن عجّل في أداء دينه حين القدرة ومطالبة الدائن ، وهذا واضح مع أنّ قابليّة الأوامر المطلقة للتوسعة يكفي في صدق المسارعة عرفا ولا يلزم ثبوتها بالفعل.
فالتحقيق في الجواب بعد منع نهوض هذا الاستدلال على إثبات الفور لغة وعرفا ، بل ولا شرعا : أنّ الآيتين لو سلّم ظهورهما في الوجوب مع ملاحظة هذه المذكورات (٣) فهو ظهور.
وما ذكرنا من التبادر في الماهيّة في الأوامر المطلقة ظهور ، ولا ريب أنّ هذا أقوى منه ، فيحمل الآيتان على الاستحباب ، فكيف ولا ظهور في آية المسارعة
__________________
(١) البقرة : ١٤٨.
(٢) والمجيب هو صاحب «المعالم» : ص ١٥٦.
(٣) وهي الايرادات الأربع والجوابين السّابقين.