أصلا ، فإنّ الأمر بالمسارعة الى سبب المغفرة كما هو مناط الاستدلال لا يفيد إلّا وجوب المسارعة الى السّبب في الجملة ، فإذا تعدّد الأسباب كما فيما نحن فيه ، فإنّ أحد الأسباب فيه (١) التوبة التي فوريّتها مجمع عليها ، فلا يفيد إلّا فوريّة أحدها ، وهو لا يستلزم المطلوب كما لا يخفى.
واحتج السيّد رحمهالله (٢) : بالاستعمال وأنّ الأصل فيه الحقيقة ، وبحسن الاستفهام ولا يحسن إلّا مع الاحتمال في اللّفظ.
وفيه : أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة ، وتبادر الماهيّة لا بشرط ، ينفي غيرها ، وأنّ الاستفهام يحسن على القول بالماهيّة أيضا احتياطا عن أن يكون مراد الآمر بعض الأفراد مجازا ، لشيوع استعمال الكلّي في الفرد مجازا.
وذلك لا يدلّ (٣) على عدم انفهام الماهيّة مستقلّة ووجوب التوقّف حتى يثبت الاشتراك ، بل إنّما ذلك لرجحان الاحتياط ، ولذلك يصحّ التخيير في الجواب مع عدم ارتكاب خلاف الظاهر ، خلافا لصورة الاشتراك ، فإنّه إمّا لا يجوز ـ كما اخترناه وحقّقناه سابقا ـ أو يجوز مجازا.
ثم إنّ الفور على القول به ، تحديده موكول الى العرف ، ويتفاوت بتفاوت المأمور به ونحوه ، كالسّفر القريب الغير المحتاج الى زمان معتدّ به للتهيّؤ له ، والبعيد المحتاج إليه ، إن لم نقل بأنّ الكلام في المجرّد عن القرائن.
وهذه الامور قرائن لجواز التأخير في الجملة ، فتأمّل.
__________________
(١) أي في موضع النزاع.
(٢) في «الذريعة» : ص ١٣٢.
(٣) أي حسن الاستفهام.