تذنيب
اختلف القائلون بكون الأمر للفور في ثبوت التكليف على من ترك الامتثال فورا في الزّمان المتأخّر وعدمه ، وفرّعوا الكلام فيه على أنّ معنى : افعل ، هل هو : افعل في الزّمان الثاني ، وإن لم تفعل ففي الثالث ، وهكذا ، أو معناه : افعل في الزّمان الثاني مع السّكوت عمّا بعده (١).
وأمّا كون المعنى عدم الفعل في الزّمان المتأخّر فلم نقف على مصرّح به.
قيل (٢) : وهذا الكلام غير مفيد ، والفائدة في بيان صحّة المبنى.
والتحقيق (٣) : أنّ أدلّة القول بالفور على تسليمها ، صنفان :
منها : ما يدلّ على أنّ الصّيغة بنفسها دالّة على الفور ، ومنها : ما يدلّ على وجوب المبادرة بالامتثال ، كآية المسارعة والاستباق ، فمن اعتمد على الأوّل ، فيلزمه القول بالسّقوط ، لصيرورته من باب الموقّت ، ومن اعتمد على الثاني ، فيلزمه القول بالثبوت ، لإطلاق أصل الأمر.
وردّه بعض المحقّقين (٤) : بمنع صيرورته كالموقّت على الأوّل ، لاحتمال إرادة التعجيل بالمأمور به ، فإن لم يفعل فيجب التعجيل أيضا في الزّمان الثاني ، وهكذا. ومنع عدم وجوب الموقّت مع فوات الوقت على تقدير تسليم كونه من قبيله ، وبأنّ وجوب الفور إن اقتضى التوقيت وخصوصيّة الزّمان المعيّن ، فلا يتفاوت الأمر بين
__________________
(١) وعلى هذا بنى الخلاف العلّامة كما نقل في «المعالم» : ص ١٦١.
(٢) والقائل به صاحب «المعالم» فيه ص ١٦١.
(٣) وهذا التحقيق أيضا لصاحب «المعالم» فيه ص ١٦٣.
(٤) وهو سلطان العلماء في حاشيته على «المعالم» ص ٢٧٩.