فإنّ الشّرط : هو ما يلزم من عدمه عدم المشروط (١) ، ولا يلزم من وجوده ، وجوده.
والمانع : ما لا يلزم من عدمه عدم شيء ، بل يلزم من وجوده عدم شيء.
وأمّا التقييد بقولنا : لذاته ، احتراز عن مقارنة وجود السّبب عدم الشّرط أو وجود المانع ، فلا يلزم الوجود (٢) أو قيام سبب آخر حالة عدم الأوّل مقامه ،
__________________
(١) وهذا هو بالمصطلح عليه عند الأصولي ، ولكن استعمله النحاة فيما تلي حروف الشرط كإن ونحوها ، سواء علّق عليه جملة وجودا كقولهم : إن كان هذا إنسانا كان حيوانا ، أو مطلقا مثل المرء مجزّى بعمله ، وإن كان مثقال ذرّة ، وتسمى عند النحويين بأن الوصليّة. وقد يستعمل في العلّة والسّبب كقوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا). وهذا هو مراد الأصولي منه في بحث المفاهيم. حيث يقولون : إنّ تعليق الحكم على الشرط يدلّ على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط ، ومن هنا ظهر الفرق بين الشرط المذكور هنا وفي باب المفاهيم.
(٢) يمكن أن يكون مقصوده بأنّه لو لم نقيّده بهذا القيد لم يكن هذا التعريف جامعا لخروج بعض أفراد السبب عنه كالنار مثلا إنّها سبب للاحتراق في اصطلاحهم ، وإذا وضعت في محلّ يمتنع عن الاحتراق لم يلزم من وجودها الوجود لتحقق المانع ، وكذا لم يلزم من عدمها العدم كما اذا عدمت مع وجود محرق آخر كالشمس مثلا.
وأما إذا قيّد بقيد لذاته لم يرد ما ذكر لأنّ معنى التعريف مع هذا القيد هو أنّ السّبب ما يلزم من وجوده الوجود من حيث ملاحظة نفسه مع قطع النظر عن المانع. وأمّا إذا تحقق المانع لا يلزم من وجوده الوجود. وكذا معنى قوله : ولا يلزم من عدمه العدم لذاته ، أي مع قطع النظر عن اقامة سبب آخر مقامه. هذا وقد مثّل في الحاشية لهذا بقوله : وهذا كالصيغة بالنسبة الى الطلاق مع عدم كون المرأة في طهر غير المواقعة فيه ، فالسبب الموجود هو الصيغة والشرط المعدوم هو كونها في طهر المواقعة. ومثل الزّنى بالنسبة الى الحمل مع كون الزّانية حاملا ، فإنّ الحمل مانع عن الحمل ، مع أنّ سببه الذي هو الزنى موجود.