تنبيهات
الأوّل :
ربّما يتوهم (١) أنّه لا خلاف في وجوب المقدّمة إذا كانت المقدّمة هو إتيان أمور يحصل الواجب في ضمنها ، كالصّلاة الى أكثر من جانب ، والإتيان بالظهر والجمعة معا عند من اشتبه عليه المسألة وأوجب الاحتياط ونحو ذلك ، لأنّه عين الإتيان بالواجب ، بل هو منصوص في بعض الموارد كالصلاة الى أربع جهات.
وفيه ما [لا] يخفى على المتأمل ، سيّما بعد ما بيّنّا من معنى الوجوب ، وثمرة النزاع والإجماع المتوهّم ممنوع.
وأمّا الكلام في النصّ الوارد في بعض هذه الموارد ، فنحن أيضا لا نتحاشى عن القول بالوجوب هناك ، ولا اختصاص به بهذا المورد ، بل الكلام فيه هو الكلام في مثل الوضوء إذا لوحظ وجوبه المستفاد من النصّ ، إذ الوجوب فيهما الحاصل من النصّ عليه هو الوجوب الغيري ، والفرق بين المنصوص وغير المنصوص إنّما يحصل في كون الخطاب به أصليّا أو تبعيّا ، فوجوب سائر المقدّمات تبعيّ ، ووجوب مثل ذلك أصليّ.
ولا يذهب عليك أنّ ما ذكرنا هنا لا ينافي ما سبق منّا من منع وجوب الشرط الشرعيّ من المقدّمات ، إذ الشرطيّة غير الوجوب كما هو مصرّح به في كلام الأعلام ، مع أنّ ما تقدّم من الكلام إنّما هو في الوجوب المستفاد من إيجاب نفس الواجب (٢) ، وهو باق بحاله بالنسبة الى مثل الوضوء أيضا.
__________________
(١) هذا التوهم للفاضل التوني في «الوافية» : ص ٢٢١.
(٢) أي من ايجاب ذي المقدمة.