للامتحان ثالثا (١). فاللّازم على القائل بوجوب المقدّمة القول بالعقاب على ترك المقدّمات ، التي لو فعل الواجب كان موقوفا عليه ، وعدم وجود الواجب وعدم التأثير في الوجود في الخارج ، وفي نظر المكلّف لا يضرّ ، وهذا من أفصح (٢) ما يلزم القائل بوجوب المقدّمة ، فإنّ إجراء أحكام الواجب على تلك المقدّمات أصعب شيء. فمن كان عليه أداء دين مع المطالبة ، وكان له صارف عن أدائه ، يلزمه عدم صحّة عباداته من أوّل العمر الى آخره. غاية ما في الباب ، أنّه لا يترتّب ثواب على ترك الضدّ لو لم يتفطّن المكلّف له في صورة الامتثال بالمأمور به ، لو قلنا بأنّ الامتثال بالنّهي إنّما يكون بالكفّ لا بنفس أن لا يفعل ، وذلك مع أنّه غير مسلّم ـ كما سيجيء ـ لا ينفي ترتّب العقاب على فعله على القول بوجوب المقدّمة.
الثالثة :
المباح يجوز تركه ، خلافا للكعبي ، فإنّه قال بوجوب المباح ، والمنقول عنه مشتبه المقصود ، فقد يقال : إنّ مراده أنّ كلّ ما هو مباح عند الجمهور ، فهو واجب عنده ، لا غير (٣) ، وقد يقال : إنّ مراده أنّ كلّ ما كان مباحا بالذّات فهو واجب بالعرض ، وعلى أيّ التقديرين فالنزاع معنويّ والمنقول عنه في دليله وجهان :
أحدهما : أنّ ترك الحرام واجب ، وهو متلازم الوجود مع فعل من الأفعال ، فكلّ ما يقارنه فهو واجب ، لامتناع اختلاف المتلازمين في الحكم.
__________________
(١) فربما هو للإتيان بالمقدمات دون الأصل الواجب للامتحان كما في ذبح النبي إبراهيم لولده اسماعيل عليهماالسلام.
(٢) وهو لزوم القول بالعقاب على ترك المقدمات.
(٣) أي ليس غير واجب ولو بالاعتبار.