المقدور انّ المباح أحد أفراد الواجب المخيّر ، ولكن قد يقوم مقامه ومقام سائر أفراده بعض الأمور الغير المقدورة مثل عدم شرط الحرام ووجود المانع عنه ونحو ذلك. فالصّارف ايضا من أحد أفراد الواجب المخيّر لو كان هو ترك الإرادة بالاختيار ، ومن جملة ما يقوم مقام تلك الأفراد لو كان شيئا خارجا عن الاختيار.
وأنت خبير بأنّ هذا في الحقيقة تخيير بين الأمور المقدورة ، والغير المقدورات مسقطات لها لا أنّه تخيير بين المقدورات وغير المقدورات كما قد يتوهّم ، مع أنّا لو سلّمنا التخيير مطلقا فلا نأبى عن كونه أحد أفراد الواجب المخيّر بهذا المعنى ، ولكن ليس هذا مراد الكعبيّ.
وأمّا ما ذكره المحقّق السّابق الذكر (١) ، من أنّه لا مدخليّة للمباح في ترك الحرام أصلا ومطلقا (٢) ، وأنّه من مقارناته الاتفاقية مطلقا.
ففيه ما فيه ، إذ كثيرا ما نجد من أنفسنا توقّف ترك الحرام على فعل وجودي بحيث لو لم نشتغل به لفعلنا الحرام ، ولا يمكن إنكاره.
وأطلنا الكلام في إبطال توهّمه وتوضيحه فيما علّقناه على «تهذيب» العلّامة.
الرابعة :
موضع النزاع ما إذا كان المأمور به مضيّقا والضدّ موسّعا (٣) ، ولو كانا موسّعين (٤) فلا نزاع ، وأما لو كانا مضيّقين (٥) فيلاحظ ما هو الأهم.
__________________
(١) وهو سلطان العلماء في دفعه لشبهة الكعبي.
(٢) أي في جميع حالات المكلّف ، وكذا معنى الاطلاق في قوله : من المقارنات الاتفاقيّة.
(٣) كإزالة النجاسة عن المسجد مع صلاة الظهر مثلا في أوّل الوقت.
(٤) كصلاة النذر المطلق مع صلاة الظهر مثلا في أوّل الوقت.
(٥) كإزالة النجاسة عن المسجد مع صلاة الظهر مثلا في آخر الوقت.