وقد يفصّل بأنّ الفعلين إمّا كلاهما من حقّ الله أو حق الناس أو مختلفان ، وعلى التقديرات إمّا معا موسّعان أو مضيّقان أو مختلفان (١) ، فمع ضيق أحدهما الترجيح له مطلقا ، ومع سعتهما التخيير مطلقا.
وأمّا الثاني ، فمع اتحاد الحقيقة التخيير مطلقا ، إلّا إذا كان أحدهما أهم في نظر الشّارع كحفظ بيضة الإسلام ، ومع اختلافهما فالترجيح لحقّ الناس إلّا مع الأهميّة.
إذا تمهّد هذا فنقول :
يكثر النزاع في اقتضاء الأمر بالشيء النّهي عن ضدّه بكل من المعنيين وعدمه ، وفي كيفيّة الاقتضاء بالعينية أو التضمن أو الاستلزام اللّفظي أو العقلي.
ولمّا كان بعض الخلافات والأقوال في المسألة في غاية السّخافة فنقتصر
__________________
(١) فبلغ مجموع الصّور إلى عشرة ، ثلاثة من الموسّعين وثلاثة من المضيّقين وأربعة من المختلفين. أما الثلاثة الأولى أي الحاصلة من الموسّعين فأحدهما : أن يكون الفعلان كلاهما حق الله كصلاة النذر المطلق مع صلاة الظهر في أوّل وقتها. وثانيها : أن يكون كلاهما حق الناس كأداء الدّينين الموسّعين. وثالثها : أن يكون أحدها حق الله والآخر حق الناس كصلاة النّذر المطلق وأداء الدّين الموسّع ، وأما الثلاثة الثانية أي الحاصلة من المضيّقين ، فأحدها : أن يكون كلا الفعلين حق الله كإزالة النجاسة عن المسجد وصلاة الظهر في آخر الوقت. وثانيها : أن يكون كلاهما حق الناس كإنقاذ الغريق وأداء الدّين المعجّل مع مطالبة الدّائن. وثالثها : أن يكون أحدهما حق الله والآخر حق الناس كأداء الدّين المضيّق وصلاة الظهر في آخر وقتها. وأما الأربعة الحاصلة من المختلفين فأحدها : أن يكون كلاهما حق الله مع تضييق أحدهما وتوسيع الآخر كتطهير المسجد وصلاة الظهر في أوّل وقتها : وثانيها : أن يكون كلاهما حق الناس كذلك كإنقاذ الغريق وأداء الدّين الموسّع ، وثالثها : أن يكون حق الله مضيّقا وحق الناس موسّعا كإزالة النجاسة عن المسجد وأداء الدّين الموسّع ، ورابعها : عكس الثالث كأداء الدّين المعجّل وصلاة الظهر في أوّل الوقت ، هذا كما في الحاشية.