أمّا المطابقة فظاهر وكذا التضمّن ، وقد مرّ ما يمكن لك إبطاله به بطريق أولى.
وأمّا الالتزام فاللّزوم البيّن بالمعنى الأخصّ فيه منتف كما هو ظاهر ، ولم يدّعه الخصم أيضا كما يظهر من أدلّتهم الآتية.
وأمّا البيّن بالمعنى الأعمّ فأيضا غير موجود ، لأنّه لا يلزم من تصوّر الأمر وتصوّر الضدّ والنسبة بينهما كون الآمر قاصدا حرمة الضدّ ، وسنبطل ما تثبّت به الخصم في ذلك.
نعم يدلّ عليه دلالة تبعية من قبيل دلالة الإشارة ، ولكن ذلك ليس ممّا يثمر فيما نحن فيه ، فإنّ ترك الضدّ من مقدمات المأمور به ووجوب تركه تبعي ، والوجوب التبعي لا يفيد إلا أنّ ترك الضّد مطلوب الأمر تبعا ، بمعنى أنّ المقصود بالذّات هو الإتيان بالمأمور به ، وطلب ترك الضّد إنما هو لأجل الوصول إليه فلا يثبت بذلك عقاب على ترك الترك ، بمعنى فعل الضدّ ، فلا يثبت فساد كما مرّت الإشارة (١).
واحتجّ المدّعون للدلالة اللّفظية (٢) : بأنّ أمر الايجاب طلب فعل يذمّ على تركه اتّفاقا ولازم إلّا على فعل لأنّه المقدور وهو ليس إلّا الكفّ أو فعل ضدّه ، والذّم بأيّهما كان يستلزم النّهي عنه (٣) إذ لا ذمّ بما لم ينه عنه.
وفيه : منع انحصار الذمّ على الفعل لما سنحققه من أنّ مطلق ترك الفعل ايضا مقدور بسبب القدرة على استمراره ولا نحتاج الى الكفّ مع أنّ الكفّ لا يتحقق في ترك المأمور به عرفا لمدخليّة الزّجر والإكراه في مفهومه.
__________________
(١) في مقدمات قانون مقدمة الواجب ، في المقدمة السادسة.
(٢) «الجامع لجوامع العلوم» للنراقي : ص ١٥٠.
(٣) أي عن أيّهما او عند الضد الخاص ، هذا كما في الحاشية.