وبالجملة ، لا دليل على كون علّة الحرام حراما ، فإنّ ذلك إمّا من جهة كونها مقدّمة للحرام ، فيدلّ على حرمتها النّهي عن ترك الواجب.
وفيه : أنّ توقّف تحقيق ترك الواجب عليها ممنوع أوّلا.
سلّمنا ؛ لكن الخطاب تبعي توصّلي عقلي ، وقد تقدّم أنّه لا يثبت التحريم المقصود ، نظير وجوب المقدّمة.
وإمّا من جهة استفادة ذلك من سائر أحكام الشرع وتتبّع مواردها.
وفيه : أنا لم نقف على ما يفيد ذلك ، بل المستفاد من تتبّعها خلافه ، ويرشدك الى ذلك ملاحظة فتوى الفقهاء بكراهة صنائع تنجرّ الى الحرام (١).
وإما من جهة حكم العقل صريحا وهو أيضا ممنوع ، لأنّ العقل لا يستحيل كون الشيء حراما من دون علّته ، بل لا يستبعد ، فلا مانع من الحكم بحرمة الزّنا مع حليّة أكل الطّعام الذي يوجب القوّة عليه إلّا من باب التكليف التبعي.
الثالث : لو لم يحرم الضّد وتلبّس به كالصلاة بالنسبة الى إزالة النّجاسة مثلا ، فإن بقي الخطاب بالإزالة لزم التكليف بالمحال ، وإلّا خرج الواجب المضيّق عن وجوبه
. وقد أجيب : بأنّ الأوامر الدالة على وجوب الإزالة ونحوها فورا مخصوصة بما لم يكن المكلّف متلبّسا بواجب.
والأولى في الجواب اختيار الشّق الأوّل ، وتسليم جواز هذا التكليف لكون المكلّف هو الباعث عليه فيعاقب على ترك الإزالة ويحكم بصحّة الصلاة ولا منافاة.
__________________
(١) كالتصريف الذي يمكن أن لا يسلم صاحبه من الربا.