تنبيهان
الأوّل :
أنّ بعض المحقّقين (١) ذكر أدلّة المثبتين والنافين وضعّفهما ، ثم قال : ولو أبدل النّهي عن الضدّ الخاص بعدم الأمر به فيبطل لكان أقرب.
وحاصله ، أنّ الأمر بالشيء وإن لم يقتض النّهي عن ضدّه لكن يقتضي عدم الأمر بالضدّ اقتضاء عقليّا لامتناع الأمر بالمتضادين في وقت واحد ، فإذا لم يكن الضدّ مأمورا به فيبطل لأنّ الصحّة إنّما هو مقتضى الأمر وبدونه يبطل ، فإنّ الأصل عدم الصّحة.
وفيه : أوّلا : أنّ ذلك على تسليم صحّته إنّما يتمّ في العبادات ، وأمّا في المعاملات فلا يتم مطلقا (٢).
وثانيا : منع اقتضائه عدم الأمر مطلقا إذ الذي يقتضيه الأمر بالشيء عدم الأمر بالضدّ إذا كان مضيّقا ، وأمّا إذا كان موسّعا كما هو المفروض فلا ، ولا استحالة في اجتماع الأمر المضيّق والأمر الموسّع ، فإنّ معنى الموسّع إنّه يجب أن يفعل في مجموع ذلك الوقت ، بحيث لو فعل في أيّ جزء منه امتثل ولم يتعيّن عليه الإتيان
__________________
(١) هو الشيخ البهائي في «زبدته» : ص ١١٨ وتبعه السيّد في «الرياض» على ما حكي عنه.
(٢) أي في جميع الصّور ، بل يتمّ في بعضها كالّذي ورد فيه أمر من الشارع نحو : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ). ولا يتمّ في بعض الآخر الذي لم يرد فيه أمر من الشارع نحو : البيّعان بالخيار ما لم يفترقا. ويحتمل أن يكون معناه لا يتمّ في المعاملات بأنّ النهي في المعاملات يوجب الفساد.