ويشكل هذا بالواجبات العينيّة ، فإنّها أيضا كلّيات مخيّر في أفرادها.
ويمكن دفعه : بأنّ الكلي في المخيّر جعلي منتزع من الأفراد تابع لها في الوجود كأحد الأبدال ، بخلافه في العينيات ، فإنّه متأصّل وعلّة للأفراد سابق عليها طبعا.
وقد يجتمع الاعتباران كالكفّارة بالنسبة الى الخصال ، فالخطاب بالكفّارة عينيّ يستتبع التخيير في أفرادها ، والخطاب بإحدى الخصال تخييريّ.
ويبقى الكلام في ثمرة النزاع بين الفريقين ، فربّما قيل : إنّ النزاع لفظيّ (١) وليس كذلك ، ولكنّه قليل الفائدة (٢) في الفقه.
وممّا يمكن أن يكون ثمرة النزاع أنّه إذا نذر أن يأتي بثلاث واجبات شرعيّة تعلّق الوجوب من الشّارع بها بنفسها ، فيبرّ نذره بالإتيان بخصال الكفّارة الثلاث مطلقا على الأوّل ، بخلاف مذهب الأشاعرة ، فإنّ الخطاب لم يتعلّق بالخصال ، بل بالمفهوم الكلّي المنتزع منها.
وأمّا الدّليل على المذهبين ، فالأوّلون (٣) يتمسّكون بالتبادر من قوله تعالى : (فَكَفَّارَتُهُ)(إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ)(٤). فإنّ الظّاهر منه إيجاب الإطعام والكسوة والتحرير على سبيل
__________________
(١) نسب هذا القول الى العلّامة راجع «نهاية الوصول» : ص ١٣٦ ، و «المعالم» : ص ٢٠١ وفخر الرّازي ، وهذا ناشئ من إرادة المصداق من الأحد في قوله : أحد الأبدال لا بعينه ، كما أشرنا إليه سابقا.
(٢) كما صرّح به جماعة منهم صاحبي «المعارج» : ص ٧٢ ، و «المعالم» : ص ٢٠٢ الّذي استحسن قوله المحقق.
(٣) أي من أصحابنا وجمهور المعتزلة.
(٤) المائدة : ٨٩.