قانون
الواجب الكفائيّ ما قصد به غرض يحصل بفعل البعض ، ولا يتعلّق الغرض بحصوله من كلّ واحد من المكلّفين أو بعض معيّن منهم ، كخصائص النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا ريب في جوازه عقلا ووقوعه شرعا ، كالجهاد المقصود منه حفظ الإسلام وإذلال الكفّار ، وصلاة الميّت المقصود منه احترام الميّت.
والحقّ ، أنّه واجب على الجميع ويسقط بفعل البعض ، لا كما قيل : بتعلّقه بالمجموع (١) ، ولا كما قيل : بتعلّقه بالبعض الغير المعيّن (٢).
لنا : أنّهم لو تركوا جميعا لذمّوا بالترك واستحقّوا العقاب جميعا ، باتّفاق الخصم ، وهو معنى الوجوب. وأمّا السّقوط بفعل البعض ، فإجماعي.
حجّة القول الثاني : أنّه لو تعيّن على كلّ واحد كان إسقاطه عن الباقين رفعا للطلب بعد تحقّقه ، فيكون نسخا فيفتقر الى خطاب جديد ، ولا خطاب ، فلا نسخ فلا يسقط ، بخلاف الإيجاب على الجميع من حيث هو ، فإنّه لا يستلزم الإيجاب على كلّ واحد ، ويكون التأثيم للجميع بالذّات ، ولكلّ واحد بالعرض (٣).
وأجيب : بأنّ سقوط الأمر قبل الأداء قد يكون بغير النسخ ، كانتفاء علّة الوجوب ، كاحترام الميّت مثلا ، فإنّه يحصل بفعل البعض ، ولهذا ينسب السّقوط إلى
__________________
(١) نسب هذا القول الى قطب الدّين الشيرازي ، وفي كلام التفتازاني والباغنوي الى القيل.
(٢) نسب هذا القول الى فخر الدّين وهو المفهوم من كلامه في «المحصول» : ٢ / ٣٦٩ ، والبيضاوي ، وعزي إلى الشافعية كما في «هداية المسترشدين» ، وفي «النهاية» الى قوم.
(٣) وللمحقّق الاصفهاني ردّ عليه في «الهداية» : ٢ / ٣٨٤.