فعل البعض ، و : بأنّ الوجوب لو لم يتعلّق بكلّ واحد ، فكيف ينوي كلّ واحد منهم الوجوب؟
وحجّة الآخرين وجوه :
الأوّل : أنّ الوجوب لو كان على الكلّ لما سقط بفعل البعض.
وفيه : أنّه استبعاد محض ، ومثله يجري في الواجبات العينيّة أيضا ، كإسقاط دين رجل بأداء متبرّع عنه.
الثاني : كما انّه يجوز الأمر بواحد مبهم اتّفاقا ، يجوز الأمر ببعض مبهم (١). فإنّ ما يحصل مانعا هو الإبهام وقد لغي ، وقد يسقط بفعل أيّ بعض كان ، فيكون واجبا على بعض مبهم.
وفيه : أنّه قياس مع الفارق ، لأنّكم تقولون بتأثيم الكلّ على ترك ذلك البعض المبهم فيما نحن فيه ، بخلاف الأمر بواحد مبهم ، فإنّ التأثيم ليس على ترك الواحد ، بل التأثيم للكلّ حين ترك الكلّ ، دليل على الوجوب على الكلّ ، ولا معنى لعقاب شخص عن شخص آخر.
فثمرة النزاع إذا إنّما هو في اتّصاف كلّ واحد منها بالوجوب وعدمه إذا صدر عن الكلّ ، ويتفرّع عليه ثمراته (٢).
__________________
(١) المراد بواحد مبهم هو المأمور به في الواجبات التخييرية ، كما انّ المراد من بعض مبهم هو المأمور به في الواجبات الكفائية.
(٢) قال في «الحاشية» : ويتفرّع عليه ثمراته كما لو نذر أن يعطي جماعة أتى كلّ واحد منهم بواجب دراهم ، فحينئذ لو رأى جماعة صلوا على ميّت فأعطى الدراهم لهم ، فيبرّ نذره على القول المشهور من اتّصاف كل واحد منهم بواجبه ، ولا يبرئ نذره على قول القائل من عدم اتّصاف كل واحد به.