يكون ، وإن كان اعتقادهم بتحقّقه في الخارج فاسدا في نفس الأمر ، ولا يضرّ فساد هذا الاعتقاد في حصول الامتثال.
نعم ، هذا النزاع يثمر في المسائل الحكميّة ، على أنّا نقول : غاية ما دلّ عليه دليلكم أنّ المطلوب لا بدّ أن يكون هو الفرد ، وأمّا تعيّنه وتشخّصه وإرادة فرد معيّن ، فلم يدلّ عليه دليل ، لا من اللّفظ ولا من العقل.
ولا ريب أنّ فردا ما من الطبيعة أيضا كلّيّ ولا تحقّق له في الخارج على مذاقكم ، وإرادة فرد خاصّ تحكّم بحت.
فإن قلت : إنّا نريد من فرد ما أحد الأفراد ، بمعنى أنّ المطلوب هو كلّ واحد من الجزئيّات المعيّنة المشخّصة على سبيل التخيير ، فيتعلّق الطلب بكلّ واحد منها على سبيل التخيير ، وليس ذلك من باب التعلّق بالكلّي.
قلت : قد مرّ الفرق (١) بين الجواب التخييري والعيني ، وأنّ تخيير المكلّف في أفراد الواجب العينيّ ليس من باب الوجوب التخييري ، وإلّا لما بقي فرق بينهما ، مع أنّهم نازعوا في الواجب التخييري على أقوال شتّى ، ولم ينازعوا فيما نحن فيه أصلا ، وهو من أعظم الشواهد على أنّ المطلوب هنا شيء واحد (٢) ، وأنّ التخيير بين الأفراد إنّما هو من باب حكم العقل من جهة وجوب المقدّمة ، أو من خطاب الشرع أيضا بخطاب تبعيّ ، لا أن يكون خطابا متأصّلا كما هو مقتضى قول الخصم ، فإنّه يقول : إنّ مطلوب الشارع في الأمر المتعلّق بالكلّيّ هو الأفراد تخييرا بالأصالة.
__________________
(١) عند قوله : هناك ويمكن الفرق ... الخ.
(٢) من الطبيعة الكليّة.