وهذه المواضع متغايرة بالذّات وبالحكم (١). ووضعها بالنسبة إلى الثالث حرفيّ نسبيّ ، والموضوع له هو الأفراد فلا مجاز في استعمالها في الأفراد على ما هو التحقيق في وضع الأفعال والحروف.
وأمّا الأوّلان فقد عرفت حكم الثاني منهما هاهنا مفصّلا ، والوضع هنا وضع المشتقّات ، والملحوظ فيه هو المادّة.
وأمّا الأوّل ، فالظاهر أنّه من باب : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ)(٢) وكونه حقيقة حينئذ إنّما هو لأجل التعلّق بالطبيعة.
والظاهر أنّ الوضع فيه أيضا كسابقه ، وإنّما هو متعلّق بالهيئة لا بالمادّة ، ولكن مع قطع النظر عن النسبة إلى الفاعل ، وقد اشتبه الأمر على بعض الفحول (٣) فحسب وضع الأمر من حيث كيفيّة الطلب وضعا حرفيّا كوضعه بالنّسبة إلى ملاحظة النّسبة إلى الفاعل ، فتأمّل وانتظر لتمام الكلام.
__________________
(١) يعني انّ الموضوعات والذّوات في هذه الاعتبارات الثلاثة مختلفة ، إذ الموضوع في الاعتبار الأوّل هو الطلب وفي الثاني هو الحدث وفي الثالث هو نسبة الحدث الى المخاطب. كما انّ أحكامها مختلفة مثل أعمّية الوضع والموضوع له كما في الاعتبار الثاني ، وأعمّية الوضع وأخصّية الموضوع له كما في الثالث ، واختلف حكم الاعتبار الأوّل فأشار الى تغاير الحكم بقوله : ووضعها بالنسبة الى الثالث حرفي.
(٢) القصص : ٢٠.
(٣) وهو المدقق الشيرواني.