قانون
اختلفوا في أنّ الشارع إذا أوجب شيئا ثمّ نسخ وجوبه ، هل يبقى الجواز أم لا؟(١)
والظاهر أنّ الجواز الثابت بالبراءة الأصليّة ثابت حينئذ جزما ، وإنّما الإشكال في بقاء الجواز الذي استفيد من الأمر ، فمحلّ النزاع هو ثبوت حكم آخر شرعيّ من الإباحة بالمعنى الأخصّ أو الاستحباب وعدمه.
فالأقوى عدمه ، بل يرجع إلى الحكم السّابق من البراءة أو الإباحة أو التحريم ، بالنظر الى الموارد ، مثل أن يكون من العبادات فيحرم ، لكونها تشريعا بدون الإذن (٢) ، أو العادات (٣) والتلذّذات (٤) فيكون مباحا ، أو المعاملات ، فالأصل البراءة من اللّزوم لأصالة عدم ترتّب الأثر ، أو بالنظر إلى الأقوال فيما لم يرد فيه
__________________
(١) عند الرازي بقي الجواز خلافا للغزالي كما في «المحصول» : ٢ / ٢٨٣ وكذا بقي الجواز عند العلّامة كما صرّح في «التهذيب» : ص ١١٢ و «المبادئ» : ص ١٠٨ بينما الشيخ حسن في «المعالم» : ص ٢٣٢ قال : «لا يبقى معه الدلالة على الجواز ، بل يرجع الحكم الّذي كان قبل الأمر ونقل في «المعالم» : وبه قال العلّامة رحمهالله في «النهاية» وبعض المحقّقين من العامّة ، وقال أكثرهم بالبقاء.
(٢) إذ إنّ العبادات من جهة كونها توقيفيّة موقوفة على أمر الشارع وبيانه ، وبدونه يكون تشريعا محرّما ، فبعد الأمر هي إمّا واجبة أو مستحبة فإذا رفع الأمر لا يمكن أن يرجع الى غير الحرمة وذلك كحرمة التوجّه الى بيت المقدس في الصلاة بعد ما رفع وجوبه بالآية.
(٣) عطف على قوله : العبادات ، والمراد منها مثل القعود والقيام والنوم ونحو ذلك.
(٤) كالأكل والشرب ونحوهما.