الثالثة :
محلّ النزاع في هذه المسألة يحرّر على وجهين :
الأوّل : هو أنّ إتيان المأمور به على وجهه ، هل هو مسقط للتعبّد به ، بمعنى أنّه لا يقتضي ذلك الأمر فعله ثانيا قضاء أم لا؟
والظاهر أنّ المخالف حينئذ يقول إنّه لا مانع من اقتضائه فعله ثانيا قضاء في الجملة ، لا أنّه لا بدّ أن يقتضي فعله ثانيا دائما ، كما لا يخفى.
والثاني : أن يكون معنى إسقاط القضاء أنّه لا يجوز أن يكون معه أمر آخر (١) يفعله ثانيا قضاء أو يجوز (٢)؟
والظاهر أنّ النزاع على الثاني (٣) يكون لفظيّا ، إذ لا يمكن إنكار إمكان ذلك ، فيعود النزاع في تسميته ذلك قضاء (٤). ونحن أيضا نسقط هذا التقرير ونجري في الاستدلال على التحرير الأوّل ، ونقرّر الأدلّة على ما يطابقه.
ثمّ إنّ هذا الكلام مع قطع النظر عن الخلاف الآتي في كون القضاء تابعا للأداء أو بفرض جديد ، فالخلاف يجري على القولين كما لا يخفى.
وكذلك مع قطع النظر عن كون الأمر للطبيعة أو المرّة أو التكرار ، إذ نفي المرّة للغير إنّما هو بالتّنصيص ، وإسقاط القضاء على القول بالإجزاء إنّما هو من جهة
__________________
(١) كما هو لازم القول بالإجزاء.
(٢) أي يجوز أن يكون معه أمر آخر كما هو لازم القول بعدم الإجزاء.
(٣) أي على الوجه الثاني.
(٤) يكون النزاع في لفظ القضاء بمعنى أنّ ما ثبت بالأمر الأوّل مع الآخر يجوز تسميته قضاء أم لا.