الموافقة الاتفاقيّة (١) ، أو بسبب عدم القدرة على الفعل أو عدم إرادته (٢) أو غير ذلك (٣).
قلت : أوّلا : إنّه معارض بالكفّ بقصد الرّياء.
وثانيا : إنّ الكلام إنّما هو على ظاهر حال المسلم.
وثالثا : إنّا لا ندّعي الكليّة ، بل ندّعي إمكان حصول الامتثال بمجرّد ترك الفعل ، فإنّ الثواب موقوف على الامتثال ، سواء كان محتاجا في التّرك إلى الكفّ أو فعل ضدّ آخر أو لم يكن ، بل يكفي في ذلك قوّة الدّاعي الحاصل بتوطين النّفس على الامتثال والانتهاء عن كلّ ما نهي عنه وإن لم يكن قادرا على الفعل ، بل وغير مستشعر أيضا.
ويؤيّد ذلك ، أنّه لو لم يكن نفي الفعل مقدورا للزم عدم العقاب على ترك الواجب إلّا مع الكفّ عنه ، وهو باطل جزما.
فإن قلت : على ما ذكرت أيضا يؤول الكلام إلى أنّ المكلّف به ليس نفس ترك الفعل كيف كان ، بل هو أمر وجوديّ (٤) ، وهو إبقاء العدم واستمراره ، ولو كان بمجرّد توطين النّفس على الامتثال بمجرّد تصوّر تمكّن أن يصدر عنه الفعل وإن لم يكن قادرا عليه بالفعل أيضا ، وإلّا فقد يكون مكلّفا بالكفّ وقد يكون مكلّفا بفعل أحد الأضداد الوجوديّة غير الكفّ ، فالذي يكون مقدورا له هو أحد هذه الأمور على التفصيل ، فالمطلوب إنّما هو ذلك الأمر الوجوديّ كالأمر بإحراق
__________________
(١) كالمغمى عليه والنائم مثلا.
(٢) راجع «المعالم» : ص ٢٤٢ و «هداية المسترشدين» : ص ١٩.
(٣) كإرادة العدم قبل ورود النهي.
(٤) وذهب جماعة إلى أنّه أمر وجودي وهو الكفّ عنه ونقله في «الفصول» : ص ١٢٠.