وفيه : أنّ ذلك لا يفيد ذلك (١) ولو كان مدخول الطلب التحريميّ الماهيّة بشرط الوحدة أو بشرط العموم المجموعيّ أيضا مع كونهما مفيدين للعموم في الجملة ، فضلا عمّا لو كان المدخول هو الطبيعة المطلقة ، كما هو القدر المسلّم في مبدإ الاشتقاق ، إذ كما أنّ المطلوب يحتمل الإطلاق والتقييد ، كذلك الطّلب أيضا يحتملهما ، فكما يصحّ أن يقال : أطلب منك عدم الزّنا الحاصل ما دام العمر أو عدم الزّنا في شهر أو سنة ، كذلك يصحّ أن يقال : أطلب منك ما دام العمر ترك الزّنا ، أو أطلب في هذا الشهر منك ترك الزّنا ، ولا دلالة في اللّفظ على أحد التقييدين (٢). فطلب ترك الطبيعة إنّما يقتضي ترك جميع أفراد الطبيعة في الجملة لا دائما ، وأين المطلقة من الدائمة! فلا يمكن إثبات الدّوام والتكرار للنهي ، لا من جهة المادّة ولا من جهة طلب الترك. اللهمّ إلّا أن يتشبّث بالتبادر العرفيّ كما يظهر من بعضهم (٣) وهو خلاف ما ذكره المستدلّ ، مع أنّه في معرض المنع أو يتشبّث في ذلك بأنّ طلب التّرك مطلق ، وإرادة ترك الطبيعة في وقت غير معيّن إغراء بالجهل ، فوقوعه في كلام الحكيم يقتضي حمله على العموم.
وهذا وجه وجيه ، ولكنّه أيضا خلاف ظاهر المستدلّ.
وعلى هذا ، فما أنكرناه هو دلالة الطبيعة عليه باعتبار الدّلالة اللّفظية ، كما هو المعيار في نظائر المبحث ، وإلّا فلا نمنع الحمل على العموم ، وحينئذ فصلاة
__________________
(١) أي كون النهي لطلب ترك الطبيعة لا يفيد الامتناع عن إدخال كل فرد المستلزم للتكرار.
(٢) أي الدّوام والزمان الخاص.
(٣) كالآمدي في «الأحكام» والسيد عميد الدّين في «شرح التهذيب» وقيل : بل وصريحه في «المنية».