الحائض ، وما نهاه الطبيب ، قد قيّد أوّلا بالوقت والزمان المطلوب تركه فيه ولوحظ مقيّدا بذلك ثمّ وقع عليه النهي ، ولذلك يحمل إطلاقه في ذلك الزّمان بالنسبة الى جميع أجزائه ، وإن كان مطلقا بالنسبة إليها.
ولا يذهب عليك (١) أنّه لا يمكن إجراء هذه الطريقة في الأمر وإدّعاء حمل مطلقه على الدّوام لحصول الامتثال هنا بفرد ما ، وعدم لزوم اللّغو والقبح في كلام الحكيم ، بخلاف ما نحن فيه.
نعم ، يجري هذا الكلام في مثل : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٢) ، كما سيجيء هذا. ولكن لك أن تمنع إجراء هذه الطريقة في النّهي أيضا ، بأن يقال : لا يلزم من الإطلاق في الصّيغة كون المطلوب ترك الطبيعة في وقت غير معيّن حتّى يلزم الإغراء القبيح ، بل نقول : المراد مطلق طلب ترك مطلق الطبيعة ، وربّما يحصل الامتثال بترك جميع أفراد المنهيّ عنه في الآن المتأخّر عن النّهي في زمان يمكن حصول الفعل فيه.
ثمّ إنّ التكليف بترك الطبيعة وتكراره على القول بالتكرار ، هل هو تكليف واحد أو تكليفات [تكليفان] ، فيحصل الامتثال بتركه على الثاني دون الأوّل؟
مقتضى الاستدلال على التكرار ، بأنّ المطلوب ترك الطبيعة ، وهو لا يحصل إلّا بتركه دائما عدم الامتثال بالترك في بعض الأوقات ، ومقتضى ما ذكرنا من انفهام التّكرار ، ومن وقوع المطلق في كلام الحكيم ، هو حصول الامتثال بموافقة مطلق النّهي وإن عصى بترك استمراره.
__________________
(١) هذا جواب عن سؤال مقدّر وهو انّ هذه الطريقة أي دليل الحكمة لو تمّ في المنهي عنه ليجري في المأمور به أيضا ، وهو باطل لما ذكره في المتن.
(٢) البقرة : ٢٧٥.