ففي بيان رسم (١) هذا العلم وموضوعه ، ونبذ من القواعد اللّغويّة (٢).
__________________
ـ والجواب : بأنّ التقدم الرتبي يكفي في المناسبة ، ففيه نظر ، إذ في تصدير الأشياء المذكورة في آخر الكتاب بالمقدمة وإن كانت مما يتوقف عليه الشروع خفاء. وأيضا قد علمت انّ منشأ الاختلاف هو بيان وجه تصدير الكتب بأمور لا يتوقف الشروع عليها وتسميتها بالمقدمة لا غير ، فلا بد من اعتبار التقدم المكاني وإن كان تعريف المقدمة بما يتوقف عليه الشروع ، مقتضيا لاعتبار التقدم مطلقا ، سواء كان مكانيا أو رتبيّا. والجواب : بأنّ التقدم ولو على أكثر المقاصد أو بعضها يكفي لصحة الاطلاق. ففيه : انّ المقدمة حينئذ لا تكون مقدمة العلم ، بل مقدمة الباب أو الفصل مثلا وليس الكلام فيه.
هذا وقال صاحب «الأطول» : والحق أنّه لا حاجة الى التغيير ، فإنّ كلا مما يذكر في المقدمة مما يتوقف عليه شروع في العلم هو إما أصل الشروع أو شروع على وجه البصيرة أو شروع زيادة البصيرة فيصدق على الكلّ ما يتوقف عليه شروع ، ولحمل الشروع على ما هو في معنى المنكر مساغ أيضا كما في ادخل السّوق انتهى. وهاهنا أبحاث تركناها بعد الذي مضى من الاطناب ، فمن أراد فعليه بالرجوع الى شروح «التلخيص».
(١) الرّسم بالفتح وسكون السّين المهملة في اللّغة العلامة ، وعند المنطقيين قسم من المعرّف مقابل للحدّ. ومنه تام وناقص ، فالرّسم التام ما يتألف من الجنس القريب والخاصة كتعريف الانسان بالحيوان الضاحك ، والرّسم الناقص ما يكون بالخاصة وحدها أو بها وبالجنس البعيد كتعريف الانسان بالضاحك أو بالجسم الضاحك أو بعرضيات تختص جملتها بحقيقة واحدة كقولنا في تعريف الانسان : إنّه ماشي على قدميه عريض الأظفار بادي البشرة مستقيم القامة ضحّاك بالطبع ، هكذا عند الجرجاني وغيره ، وعند الأصوليين أخص من الحدّ لأنّه قسم منه.
(٢) اللغوية : النسبة الى اللّغة لغويّ. وعلم اللغة هو علم معرفة أوضاع المفردات ، وقد يطلق على جميع أقسام العلوم العربية كما في «الدقائق المحكمة» «والمطوّل» ـ