الفرد (١) وإن كان متعلّقا بالكلّيّ على الظاهر ، وما لا يمكن وجوده في الخارج يقبح التكليف بإيجاده في الخارج.
قلت : إن أردت عدم إمكان الوجود في الخارج بشرط لا ، فهو مسلّم ولا كلام لنا فيه.
وإن أردت استحالة وجوده لا بشرط ، فهو باطل جزما ، لأنّ وجود الكلّيّ لا بشرط ، لا ينافي وجوده مع ألف شرط ، فإذا تمكّن من إتيانه في ضمن فرد فقد تمكّن من إتيانه لا بشرط ، غاية الأمر توقّف حصوله في الخارج على وجود الفرد ، والممكن بالواسطة لا يخرج عن الإمكان وإن كان ممتنعا بدون الواسطة ، وهذا كلام (٢) سار في جميع الواجبات بالنسبة الى المقدّمات ، فالفرد هنا مقدّمة لتحقّق الكلّيّ في الخارج ، فلا غائلة (٣) في التكليف به مع التمكّن عن المقدّمات.
فإن قلت : سلّمنا ذلك ، لكن نقول : إنّ الأمر بالمقدّمة ، اللّازم من الأمر بالكلّيّ على ما بنيت عليه الأمر (٤) ؛ يكفينا ، فإنّ الأمر بالصّلاة أمر بالكون ، والأمر بالكون أمر بهذا الكون الخاصّ الذي هو مقدّمة الكون الذي هو جزء الصلاة ، فهذا الكون الخاصّ مأمور به ، وهو بعينه منهيّ عنه ، لأنّه فرد من الغصب (٥) ، والنّهي عن الطبيعة يستلزم النّهي عن جميع أفراده ولو كان ذلك أيضا من باب مقدّمة الامتثال
__________________
(١) كما ذهب إليه الحاجبي من أنّ متعلّق التكليف هو الفرد الشخصي فيلزم المحذور.
(٢) أي القول بأنّ الكلي لا بشرط يمكن التكليف به ، لأنّ لا بشرط يجتمع مع ألف شرط والممتنع بشرط لا.
(٣) كالتكليف بالاحراق بعد كون إلقاء الحشيش مقدورا للمكلّف.
(٤) أي الرأي او الاستدلال والبحث.
(٥) وللمحقّق الداماد كلام في هذا المقام في كتاب «السّبع الشداد» : ص ٦٨ راجعه.